إن تكذيب السنن الثابتة وجحدها من علامات أهل الأهواء.
فإن السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع، وقد كان الوحي ينزل على النبي ﷺ بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن، ومصداق ذلك قول الله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾.
وقد أوجب الله تعالى على المؤمنين التسليم التام لكلام النبي ﷺ وحديثه وحكمه، حتى لقد أقسم بنفسه سبحانه أن من سمع كلام النبي ﷺ ثم رده ولم يقبل به: أنه ليس من الإيمان في شيء، فقال عز وجل: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

ولذلك وقع الاتفاق بين أهل العلم على أنَّ مَن أنكر حجية السنة بشكل عام، أو كذَّبَ حديث النبي ﷺ -وهو يعلم أنه من كلامه ﷺ- فهو كافر، لم يحقق أدنى درجات الإسلام والاستسلام لله ورسوله.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: “الذي ينكر العمل بالسنة يكون كافرا؛ لأنه مكذب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين”.
وقال العلامة ابن الوزير رحمه الله: “التكذيب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلم أنه حديثه كفر صريح”. العواصم والقواصم (2/274).
قال الإمام إسحاق بن راهويه: “من بلغه عن رسول الله ﷺ خبر يقر بصحته ثم رده بغير تقية فهو كافر”.
يقول الإمام أحمد رحمه الله: “من رد حديث رسول الله ﷺ فهو على شفا هلكة”.
ويقول الحسن بن علي البربهاري: “وإذا سمعت الرجل يطعن على الأثر، أو يرد الآثار، أو يريد غير الآثار: فاتّهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع.
وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده ويريد القرآن، فلا تشك أنه رجل قد احتوى على الزندقة، فقمْ من عنده وودّعه”.- شرح السنة (113-119).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “إن ما أخبر به الرسول ﷺ عن ربه، فإنه يجب الإيمان به، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف؛ لأنه الصادق المصدوق. فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به، وإن لم يفهم معناه”.- مجموع الفتاوى (3/41).