نفوس مظلمة ونفوس منيرة

نفوس تشبه ظُلمة الليل، غير أن في الليل مأوى للعبد بعيداً عن الأعين، وساعة خلوة بربه؛ أما نفوسهم فهي مهوى الرذيلة ومسقط الأذى. فما تشرّبت من الليل إلا سواده، وما أخذت منه غير وحشته، فانحطّت بقدر ما تنحط البهائم في الليل للافتراس، وانفلتَت بقدر ما انفلت الشياطين في السدفة. فما طينة نفوسهم إلا من سواد الليل البهيم، وما غموض أرواحهم إلا من تلك المادة القاتمة.

ونفوسٌ تشبه حقيقة النهار، صافية كخيوط الشمس، فما نور نفوسهم إلا كانبعاث أشعتها، وإن خالطوا يوماً ذوي النفوس القاتمة، ففي صدورهم سِراج مضاء من الوحي، ونجم روحهم يستمد من السنة ضياءه. مجالسة الصالحين عمادهم، وميراث السلف زادهم.

فلا تحسبَن الصنفين سواء؛ فما ضياع البشرية إلا بتلك النفوس التي التحقت بالدركات البهيمية، وما نجاتها إلا حين تستمسك النفوس العلويّة بسراجها حتى وإن حاربوها، وحرفوا معاني السراج، ونفثوا من خبث أرواحهم ليطفئوه غيظاً وحسداً من أنفسهم.

وإن تخلّى أصحاب النور عن كلمتهم وحقهم في إنكار المنكر وإبراز الحقّ لتراه كل عين؛ غزت الظلمة القلوب؛ فتخبّط الجميع في ظلمات بعضها فوق بعض، لا يُعرَف المنكر ولا المعروف.

فلا تبرحوا أماكنكم، ولا تطفئوا سُرجكم بأيديكم، ولا يسوّلَن لكم الشيطان أن تنحرفوا عن سبيل الفلاح  فتثتأثروا بسُرجكم لأنفسكم، وتتركوا من حولكم في حُجُب الجهل. أضيئوا مشاعِلكم من كلمات الله عز وجل واستعينوا به تُفلحوا، وارفعوها في وجه الجميع ليتخلّل نورها الأفئدة.

{وَلْتَكُنْ مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٠٤].

{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف:١٦٥].

{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر].

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة