ها قَد دَخل ضيفنا العزيز شَهرِ رمضان، الحمدُ لله الّذي بلّغنا هذا الشهر الفضيل، زادنا الله به إيمانًا مَتينًا، وقَلبًا صالحًا يسعى لمرضاته؛ آمين!
هذه المرَّة لن أحثّك على أيّ مَوعظة، أو دَرس، أو مُحاضرة، ولا حتّى مجالس؛ ما أُريده هو أن تُركّز على شيءٍ واحد؛ وَاحد فقط، وهو قَلبك.
أعلم، قَلبك مُتعب، مُنهك، أصابه ما أصابه من الحَزنِ والهمِّ والتعب والنصبِ والكَدر. أعلم أنكَ تُجاهد بكلّ قواكَ الحِسيّة والمعنويّة، تحاول ولو على حساب نفسك وجسدك وصحّتك! أعلم أنك حتى الآن لَم تقم بتحضير برنامجٍ خَاصّ لك، دخلت رمضان وليس معك خطّة تعينك، وربما تأتي لِتُخطط؛ ولكنك مُتعبٌ جدًا!
أخي، قَبل أن تَذهب وتُشاهد مُحاضرات، ودروسًا، والكثير من المَواعظ، وتُشغل نَفسك بالتخطيط؛ هل فكرت أن تعتني بقلبك؟ هل فكرت أن تُصلح قلبك؟
قال رسول الله ﷺ: “ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ”.
تأمّل هذا الحَديث؛ نَعم! إذا أصلحتَ قلبكَ؛ صلح جَسدك، وعملك، وعباداتك، وكلّ شيء. وإذا فَسَدَت تِلك المُضغة؛ فسد عملك، وجسدك، حتى يُصبح بلا رُوح، وصحّتك، وحتى نفسك كجُثة هامدة!
اهتم بقلبك، اعتني به؛ فواللهِ لن ينفعك شيء في هذه الدُّنيا إلّا قُربك من الله، والمُجاهدة في إصلاح قلبك ونفسك حتى ترتقي إلى المَعالي! جدّد توبتك، اترك كلّ ما يُلهيكَ ويُلهي قلبك، واستعدّ قلبيًا! “عُدّتك ليست بكثرة المَواعظ، بل بكثرة العَمل والتّطبيق”!
قَلبك، ثم قلبكَ يا أخي. داوِهِ بالكِتابِ والسُّنَّة ومُلازمة سِيَر الصَّالحين وتأمّل أحوالهم، تعلّم كيف ترتقي مِن الدنايا إلى العُلا، وسَلِ الله أن يُعينك على هذا. الفائز في رَمضان هو من دخل عليه وقلبه طاهرًا سليمًا، مُجاهدًا مُستعدًا لكلّ المشقات؛ حتّى يخرج من رمضان وهو مُستعد ليواجه جميع تحديات الحياة من دونَ مللٍ ولا كلل!
القُلوب تشتاقُ إلى صدق السير لترتقي بإيمانها وإحسانها وحُبّها؛ كما تشتاق أنت إلى الرّاحة في الجنَّة تمامًا! استعن بالله ولا تعجز، لا يعجزك شيء! جدّد نيّتك، وأصلح مُضغتك تِلك.
أعانني الله وإيّاكَ.