تأملت في المهام المنزلية، وكيف أنها ليست مهام عادية، وليست بلا مقابل؛ هي مهام ودية.
كنت أعدّ كعكة اسمها كعكة الرواني، وهي مصنوعة من السميد والطحين الأبيض سوياً. لاحظتُ السعادة الغامرة على وجه ابنة أختي البالغة من العمر عامين ونصف فقط! وعندما أنهيتها وأعطيت قطع منها لها؛ وجدت عذوبة عالية في صوتِها وهي تقول لأختي: (يا ماما طعمها جميل)، قالتها وهي تمضغ كعكتها بتلذُّذ.
عادةً ألاحظ أن أخي يبتسم ويشعر بالسعادة ويمازحني عندما أقوم بغسلِ ملابسه؛ وتبدو على وجهه أمارات الامتنان.
تساءلتُ في نَفسي: أن كيف لأبسط الأعمال المنزلية أن تُدخل السرور على قلوب من حولنا إلى حدّ ارتفاع منسوب امتنانِهم لنا! ورغم أنني كنت لا أحب أعمال المنزل وكنت أستثقلها؛ لكنني لاحظتُ أنها مدخل لعبور بوابة قلوب الأهل، وهي سبب لمضاعفة الحسنات؛ فتُثقِل موازيننا.
وما أجمل أن نفاجئ الأهل بأمور يحبونها لزيادة الروابط بيننا، فَنغرس لهم ذكريات طيبة أننا فعلنا كذا وكذا يوماً. وما أجمل أن نضع نوايا متعددة لنفوز في الآخرة؛ فمثلاً:
عند تحضير الطعام نضع نوايا:
١- إطعام الطعام.
٢- مساعدة الأهل على الغذاء لبناء صحتهم ويقدروا على الكسب من الضرب في مناكبِ الأرض.
٣- أن تشهد علينا أيدينا يوم الحساب بالخير وأننا استخدمناها في مساعدة الأهل.
٤- إدخال سرور على قلب مسلمين.
٥- “والله في عون العبد ما كان العبد في عونِ أخيه” صحيح مسلم.
٦- مزاحمة السيئات بالحسنات.
أشعرُ أننا إن أنجزناها بهذهِ الروح؛ فسيكون الأمر ليس مكروهاً لنا، ومن ناحيةٍ أخرى فالحسنات يتم مضاعفتها بشكلٍ يومي؛ ذلك لأنه ما من يوم يمر إلا وهناك نشاط واحد على الأقل.
وهناك أمر آخر ينبغي الإشارة إليه، وهو أن باستمرار الخدمة وتعويد النفس عليها سنجدها أصبحت أسهل؛ فندرك حينها أننا تفوقنا على أنفسنا -بفضلِ الله- ونظل نصعد درجات التطور في أعمالنا، ونعتاد أيضاً الإيثار على النفس. قال الله عز وجل: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة-105].
فنحن نفوز من عدة اتجاهات: كسب حسنات، كسب ود الأهل، تعويد النفس على خدمة الغير، اكتساب صفة إيثار الآخرين على أنفسنا، صعود درجات التطور في وظيفة من أهم وظائف المرأة في الحياة: ربة بيت.