واهتِفي بالحُبّ: أهلًا رمضان

|

رمضان، هو شهرُ الرّحمة والمغفِرة، شهر تنزل فيه البركات، وتُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلق أبواب النيران. إنه فرصة عظيمة للمسلمين لتجديد علاقتهم باللّٰه، وإصلاح نفوسهم، والتقرّب إلى الخالق بالصيام والصلاة، والعبادات المُختلفة. ومع اقتراب هذا الشهر الفضيل، يأتي دورنا في التحضير الروحي والنفسي لاستقباله بالطريقة التي تليق بعظمته.

إن الاستعداد لرمضان لا يتوقف عند مُجرد التهيئة البدنية، بل يشملُ أيضًا تطهير القلوب، وتجديد النوايا، والتفكير في كيفية استثمار هذا الشهر في أعمال تقربنا إلى اللّٰه وتغفر لنا ما مضى من ذنوبنا. فلنستعد لرمضان بكل جوارحنا، ونسعى جاهدين لاستغلاله في الطاعات والعبادات، لنعود منه وقد تغيّرت حياتنا نحو الأفضل.

نعلم أن رمضان هو شهر للعبادة والغفران وطاعة اللّٰه والبعد عن المُحرَّمات والمعاصي، لكن على المسلم أن  يتأكد بأنَّ أي ذنب يستهينُ به في أيام رمضان ليس كأي ذنب كان يفعله في الأيام العادية الأخرى، فلا تتهاونوا بنشر الغناء والصور المُحرّمة والمُسلسلات، وغيرها مما قد يجلب الحسرات ويُنقص الحسنات، إلخ..

ساهموا بنشرِ الخير والفائدة، وأيّ شيءٍ ستؤجرون عليه لا تترددوا في نشره، ولنُكثر بنشرِ الطاعات؛ لنُزاحِم بها أهل الباطل، لنُذكر النّاس ونوقظهم من غفلتهم، فقد يكون هذا آخر رمضان لك.

هل راودك هذا السؤال: هل سيكون هذا آخر رمضان لي؟ لماذا لا أغتنمه؟ لماذا لا أُجهّز لي شيئًا يكون شفيعًا لي يوم القيامة، أو نجاة لي من عذاب القبر، أو أكون من أصحاب ليلة القدر؟

مسلسلات، أغاني، كُلها ستراها بعد انتهاء رمضان، لا آبه لتلك المُحرّمات، لكن للشهرِ حُرمته، شهر فقط، فدعك من مراكمة الذنوب، وأسجد لربك فهل تعلم متى تلقاه! أقست قُلُوبُكم؟

فوالله كل شهر رمضان يمر أسرع من الذي قبله، كفّر عن ذنوبك. وفي هذا الشهر سامح، واعفو واصفح، وأجرك على الله. لا تتهاونوا مهما حدث، فرمضان شهر للعبادة والقيام، فقم واسجد، لعلها آخر سجدة لك، والعجب بمن ينامون ويملأون بطونهم ويتغافلون، أما حسبت أنهُ فرضًا وركنًا سقط؟ أبالله ستجد شهرًا غيره فيه الروحانية؟ وزيادة الإيمان والتقرب إلى الله؟

امسحوا عن مصاحفكم الغبار وعظّموا شعائر الله، فرمضان أتاكم، فرحبوا به واستقبلوه استقبال الحبيب للحبيب بقلوب واسعة. يقول العلامة بن سعدي -رحمه الله-: (إذا دعوت الله أن يُبلغك رمضان، فلا تنسَ أن تدعوه أن يبارك لك فيه، فليس الشَّأن في بلوغهِ وإنَّما الشَّأن في ماذا ستعمل فِيهِ)!

احذر لصوص رمضان!

  1. التلفزيون: هذا اللص الخطير وما فيه من إفساد صيام الناس وانقاص أجره، من مسلسلات وبرامج تافهة، فبدل من أن تنزل عليك رحمة الله ينزل سخطه، والعياذ بالله!
  2. الأسواق: هذا اللص المتخصص فى سرقة المال والوقت بلا حساب. حدد هدفك من نزول السوق؛ حتى لا تخسر من أرباح رمضان، ولا تنسى الدعاء وذكر الله.
  3. السهر: سارق أغلى الأوقات، وخاصة إذا كان خارج المنزل، خاصةً فى الأماكن التى يتم فيها السحور! هذا اللص الذى يسرق العبد من التهجّد فى الثلث الأخير من الليل، ومن الإستغفار والتوبة. 
  4. المطبخ: اللص الذي تمنحه النساء الوقت الطويل بنفسها لعمل أنواع كثيرة من أطباق الطعام، والتي لا تكاد تختلف عن بعضها إلا لحظة مرورها بمنطقة الفم!
  5. الهاتف: فالبعض بمجرد ان يرفع السماعة حتى تنهال علية الذنوب، من غيبة ونميمة وكذب، ومدح فى نفسك أو في غيرك. إفشاء سر، وجدل فى الحق بدون علم، وتدخّل فيما لا يعنيك، وآفات اللسان أكثر ما تحصى!
  6. المجالس الخالية من ذكر الله: هذا اللص يدخّر لك الحسرة يوم القيامة والعياذ بالله. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ما جلس قومٌ مجلسًا لم يذكروا الله فيه، ولم يُصلُّوا على نبيهم إِلا كان عليهم تِرَةً. فإِن شاء عذّبهم، وإن شاء غفر لهم”، والترة: هي الحسرة. واعمل كما أمرنا الله: ﴿فَاذكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلى جُنوبِكُم﴾.
  7. اللا مبالاة فى المُحافظة على التزامك: عدم التزام الأخوات بالزي الشرعي بكل شروطه. وتعطرها عند خروجها من المنزل إلى المدرسة أو الجامعة أو حتى المسجد. خروجكِ بلا غطاء رأس في الشرفة أو عند فتح الباب أو زيارة جارة، كل هذا ينقص من حسناتكِ.
  8. البخل: الصدقة تقيك من النار، وأفضل الصدقة: صدقة رمضان، فعليك التصدق سرًا لتكسب الأجر، وابتعد عن البخل والشّح فلا عذر حتى للفقير.
  9. عقوق الوالدين: وهذا اللص لا يرحم، وبسببه يكون عدم استجابة الدعاء، لذا عليك أن تبرّهما وتبتسم دائمًا فى وجهيهما، حتى وإن تجهّما فى وجهك. 
  10. كبير اللصوص الرياء: ومن الرياء: التصنع بالبُكاء فى صلاة التراويح، ليقال أنك خاشع! فاعلم أن المقبول من العمل أخلصه وأصوبه، سواءً كان سرًا أو علانية.

في الأخير، لا نزكّي أنفسنا، ولا ننكر أن مُعظم هؤلاء اللصوص قد مرّوا علينا، وسرقوا منا حسنات تتطاير في هذا الشهر الفضيل.

إياك أن تظهر أي استعداد وعزم على الطاعات والعبادات فى رمضان، وتنسى أن كل هذا موقوف على مشيئة الله عز وجل وعونه، فاستعد وانوي، ولكن وأنت موقن أنك فقير ضعيف، وأنك لا تستطيع ذلك إلا بمعونة الله ومشيئته. عن علي -رضي الله عنه- قال: (كونوا إلى قبول العمل أشد إهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: ﴿إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾).

كيفية تهيئة النفوس والقلوب لشهر رمضان:

  1. التوبة والرجوع إلى الله: بدايةً، يجب أن يبدأ المسلم رمضان وهو في حالة من التوبة الصادقة، مع العزم على تحسين علاقته بالله وترك المعاصي.
  2. تهيئة العقل والقلب: يحتاج المسلم إلى تهيئة نفسه لتقبل التغيير، من خلال التفكّر في فضل رمضان وأثره الكبير على الحياة الروحية، والتركيز على الأهداف الإيمانية.
  3. الاستعداد البدني: من المهم أن يعتاد الشخص على تنظيم النوم والطعام قبل رمضان؛ وذلك لتقليل الشعور بالإرهاق عند بدء الصيام.
  4. التخطيط الروحي: وضع خطة لقراءة القرآن، والقيام بالأعمال الصالحة، والإلتزام بالصلاة في أوقاتها، والذكر، والدعاء.
  5. تحقيق النية الصافية: يجب أن تكون النية خالصة لله تعالى، لعلّ رمضان يكون نقطة تحوّل في حياة المسلم نحو الأفضل.

كيفية الاستعداد لرمضان:

  1. تُب إلى الله توبةً نصوحة صادقة، لا تُصر على ذنوبك، أتركها لله، فمن ترك شيئًا لله عوّضه خيرً منه.
  2. أكثر من السجود، وكلّما أحزنك أمر ما، تعوّد ألا تشتكي، بل اسجُد، وستجد أثره نورًا في قلبك.
  3. اذكر الله كثيرًا، ففضل الذكر عظيم جدًا، لذلك داوم على الإستغفار والصلاة على النبي ﷺ.
  4. نم على طاعة، واستمع للقرآن وغيره من الأذكار قبل نومك، واجعلها عادةً حتى يأتي رمضان وتواشيحه وجَوَّه الروحاني.
  5. حافظ على الصلاة بوقتها، وخاصةً صلاة الفجر.
  6. انهض بهمّتك، واجعل قيامك أربع ركعات بدلًا من ركعتين أو يزيد.
  7. مُناجاة الله، حدد كل يوم مدة معينة تختلي فيها بربك ولو بركعتين. طهّر قلبك، ودع عنك جميع من حولك، افتح مصحفك يوميًا، واقرأ ما تيسر من القُرآن ولو صفحة.
  8. كن مُصرًا على دعواتك، ولا تيأس، ادعو الله كثيرًا، وسيأتي يومًا تقول فين: استجاب. وارتقي عنهم واجعل هدفك الجنة.
  9. افتح صفحة جديدة في كل شيء، مع الناس، مع نفسك، مع الله.
  10. لا تضيع وقتك، تعلّم أن تستغل كل لحظة في شيءٍ يُثقل ميزانك، وتذكر دائمًا أن وقتك هو عمرك.
  11. أكثر من النوافل: صوم، صدقة، سُنن، قيام ليل، جبر خواطر، ذكر.
  12. ابدأ من الآن، ولا تؤجّل ولو دقيقة.
  13. جاهد نفسك بشدة، فلا يجد الشيطان لقلبك طريقًا يدخل منه، وعاهد ربك على هذا الآن. 
  14. طهّر قلبك، واجعل الجنة هي غايتك. 
  15. افتح صفحة جديدة في حياتك، وتقرّب إلى الله. 
  16. لا تضيع وقتك. 

ختامًا: اجعل رمضان فرصة لتجديد علاقتك بالله، واستغلال كل لحظة فيه بالطاعات والعبادات. اجعل قلبك مفتوحًا للرحمة والتوبة، وساعيًا للاستفادة من فضائل هذا الشهر العظيم.

غرّدي يا روحُ ألحانَ الجلالْ

واسْكُبي في القلبِ نورًا وأمانْ

علّقي الأفراحَ في جِيْدِ الهلالْ

واهتِفي بالحُبّ: أهلاً رَمضان

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة