الأخوّة في الله حقٌ وواجب، تفقّدوا المهاجرين، آنِسوا الوحشان، ولنقل لإخواننا قلوبنا أبواب مفتوحة.
في رمضان، شهر الأنس، تفيض الأرواح بالمحبة، وتزهر القلوب قربًا، ثم يأتي العيد فتتجلى الفرحة في وجوه الأحبة. لكن؛ يا حرّ قلبي، كيف لمن هُجّر أو اغترب أن يجد في صدره سعة الفرح إن لم يكن له يد حانية تمتد، أو قلب رحيم يسأل عنه، أو بيت يفتح أبوابه مرحبًا؟ لا يُنسى المرء إلا حين يتركه الإخوان، ولا يبهت الفرح إلا حين يغيب السند.
وإن كان المهاجر موقنًا أن الله معه؛ فإن قلبه يبقى بشرًا، يحب الأنس، ويأنس بالجماعة، ويرتاح للاحتواء. ألم يقل المصطفى ﷺ: “المسلم أخو المسلم”؟ ألم نشبّه كياننا الواحد بالبنيان يشد بعضه بعضًا؟ فكيف يشدّ بعضه بعضًا إن كان بعضه متروكًا في العراء، وحيدًا في عزلته؟
تخيل -صرف الله عنك الوحشة- أن لا أهل لك ولا خلان، أن تمرض ولا تجد من يجلس عند رأسك، أن تحتاج ولا تجد من يسأل عنك، أن تضيق بك الدنيا ولا تجد قلبًا يضمك بالدعاء. ألا يستوحش الضعيف إن تُرك وحده؟ ألا يتألم الفقير إن لم يجد من يواسيه؟
آنِسوا الوحشان لله، آنِسوا قلوبًا غريبة، آنِسوا المهاجر في غربته، والمسكين في ضيق حاله، والمريض في وحدته.
إن على من وسّع الله عليه أن يوسع على غيره، فالله يُنفق على من ينفق. بالله عليك، أتعلم ما تصنعه وجبة إفطار تُهدى لعائلة محتاجة وقت الأذان؟ إنها ليست مجرد طعام، إنها دفء في القلب، ورحمة تسري في الروح، وسعادة قد تغير مجرى يوم بأكمله.
أما زلتَ مستغنيًا عن الدعاء؟ عن الأجر؟ عن أن تكون يدًا تمتد، ورحمة تُساق، وبهجة تُهدى؟
ابحثوا عن السعادة الحقيقية، فهي في العطاء قبل الأخذ، في المواساة قبل الطلب، في أن تكون لأخيك ما تحب أن يكون لك. لا تنسوا أن ديننا عظيم، شامل، ولا تنسوا أن لنا إخوة في الله، يربطنا بهم الإيمان، وإن لم نعرف شخصياتهم.
كونوا يدًا تمتد، وقلوبًا تنبض بالرحمة، وأخوة في الله لا ينقطع حبلهم.