حكم مَن إذا أصابته نائبة أو خوف؛ استغاث بشيخه

|

وأما الرجل إذا أصابته نائبة، أو خاف شيئًا استغاث بشيخه؛ يطلب تثبيت قلبه من ذلك الواقع؛ فهذا من الشرك، وهو من جنس دين النصارى، فإن الله هو الذي يصيب بالرحمة، ويكشف الضر. 


قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس].
وقال تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر].
وقال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام].
وقال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ [الإسراء].

فبيّن أن مَن يُدعى من الملائكة والأنبياء وغيرهم، لا يملكون كشف الضر عنهم ولا تحويلًا.

فإذا قال قائل: “أنا أدعو الشيخ ليكون شفيعًا لي”، فهو من جنس دعاء النصارى لمريم والأحبار والرهبان، والمؤمن يرجو ربه ويخافه، ويدعوه مخلصًا له الدين، وحق شيخه أن يدعو له ويترحم عليه؛

فإن أعظم الخلق قدرًا: رسول الله ﷺ، وأصحابه أعلم الناس بأمره وقدره، وأطوع الناس له، ولم يكن يأمر أحدًا منهم عند الفزع والخوف أن يقول: يا سيدي! يا رسول الله.

ولم يكونوا يفعلون ذلك في حياته، ولا بعد مماته؛ بل كان يأمرهم بذكر الله ودعائه والصلاة والسلام عليه ﷺ.

قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران].

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس: أن هذه الكلمة “حسبنا الله ونعم الوكيل” قالها إبراهيم -عليه السلام- حين ألقي في النار، وقالها محمد ﷺ -يعني وأصحابه- حين قال لهم الناس: “إن الناس قد جمعوا لكم”.

وفي الصحيح عن النبي ﷺ: أنه كان يقول عند الكرب:
(لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم)، وقد روي أنه علَّم نحو هذا الدعاء بعض أهل بيته.

وفي السنن: أن النبي ﷺ كان إذا حزبه أمر قال: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث).

وروي أنه علَّم ابنته فاطمة أن تقول: (يا حي يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك).

وفي مسند الإمام أحمد وصحيح أبي حاتم البستي عن ابن مسعود عن النبي ﷺ أنه قال: (ما أصاب عبدًا قط هم ولا حزن فقال:
اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك،

أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي؛ إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكانه فرحًا).

قالوا: يا رسول الله، أفلا نتعلمهن؟ قال: (ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن).

وقال لأمته: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يخوِّف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، وذكر الله، والاستغفار).

فأمرَهم عند الكسوف بالصلاة، والدعاء، والذكر، والعتق، والصدقة، ولم يأمرهم أن يدعوا مخلوقًا ولا ملكًا ولا نبيًّا ولا غيرهم.

ومثل هذا كثير في سنته، لم يشرع للمسلمين عند الخوف إلا ما أمر الله به: من دعاء الله، وذكره، والاستغفار، والصلاة، والصدقة، ونحو ذلك.

فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرع الله ورسوله، إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، تضاهي دين المشركين والنصارى؟!

فإن زعم أحد أن حاجته قضيت بمثل ذلك؛ وأنه مثل له شيخه ونحو ذلك، فعباد الكواكب والأصنام ونحوهم من أهل الشرك يجري لهم مثل هذا، كما قد تواتر ذلك عمن مضى من المشركين، وعن المشركين في هذا الزمان.

فلولا ذلك ما عبدت الأصنام ونحوها، قال الخليل:

﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ○ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ [إبراهيم].

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة