خير أمة

|

أما صحبتنا اليوم فمع آية عظيمة من سورة آل عمران، تبرز لنا حقيقة الخيرية لهذه الأمة وأسبابها. فلنأنس بمعانيها، ولنهتدِ بأنوارها، فقد تشتت آخر هذه الأمة وتاه في الطريق، وما أحوجه اليوم إلى قبسات من نور هذه المعاني الجليلة.

يقول الله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}.

والخطاب في هذه الآية الكريمة بقوله تعالى {كنتم}، فهو للمؤمنين الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم، ولمن أتى بعدهم واتبع تعاليم الإسلام إلى يوم الدين.

وقد قال ابن كثير: (والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة). وقال كذلك في صفات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا المدح). كما قال قتادة: (بلغنا أن عمر بن الخطاب رأى من الناس دعة في حجة حجها وقرأ هذه الآية {كنتم خير أمة أخرجت للناس} ثم قال: من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤدِّ شرط الله فيها).

فمن اتصف بتلك الصفات؛ فقد كان من خير أمة، ومن لم يتصف بها؛ فقد أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله تعالى بقوله: {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه}.

فمالِ هذه الأمة اليوم قد اهترأ عودها، واشتد هوانها، وضعف أثرها، وخفت صوتها، فلا يسمع بين ثناياها إلا صوت الأنين والخور، وما ذاك إلا لأن غالبها غثاء كغثاء السيل، لا فائدة ترجى منه؛ فلم يحقق صفات الإيمان ولا نفع بذلك غيره نصحاً وإرشاداً، وحراسةً لشريعة الله وتعاليم دينه أن تكون سلوكاً وأخلاقاً ومنهج حياة. فكيف إذا اجتمع مع هذا التخلي عن حراسة الثغر إفساد في الأرض، وسعي لنشر كل رذيلة، وإيقاظ كل فتنة، ودس السموم بين أبناء المسلمين؟

لا يحق لمسلم تخلى عن ثغره وقد جعله الله حارساً لدينه وشريعته لتتحقق في نفسه وأبناء أمته ممن قدر عليهم، أن يقول بعد ذلك أنه من خير أمة أخرجت للناس.

وليست الخيرية إلا لمن حمل الكتاب بقوة، ورفع مشعل الإصلاح بيد لا تعرف الارتجاف، وقلب ثابت، وعزيمة لا تنحني ولا تنثني مهما اشتدت رياح الباطل، وزأرت في وجهه وحوش الضلال، ولسان حاله: أيموت الإسلام وأنا حي؟ كلا! لأصارعن الخطوب بكل قوة بثها الله فيّ، فإما نصر وتمكين ورفع لكلمة الله فوق الجميع، أو شهادة ترفع بها الدرجات في دار السلام عند رب رحيم مليك مقتدر.

قال رسول الله ﷺ: “ما بعث اللهُ من نبيٍّ في أُمَّةٍ قبلي إلا كان له من أُمَّته حواريون يأخذون بسنَّته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمَرون، فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمنٌ، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمنٌ، ومَن جاهدهم بقلبه فهو مؤمنٌ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبَّة خردلٍ” خرَّجه مسلمٌ أيضًا من حديث ابن مسعودٍ.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة