كثرة الطعنات تولد البطولات، نعم، ولا عجب؛ فهذا دأب الصالحين منذ فجر الإسلام، يحيا وينمو على أكتاف رجالٍ صبروا لما لقوا في سبيل الله.
وفي التحرير والتنوير لابن عاشور: ({مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:23]. أعقب الثناء على جميع المؤمنين الخلص على ثباتهم ويقينهم واستعدادهم للقاء العدو الكثير يومئذ وعزمهم على بذل أنفسهم ولم يقدر لهم لقاؤه كما يأتي في قوله وكفى الله المؤمنين القتال بالثناء على فريق منهم كانوا وفوا بما عاهدوا الله عليه وفاء بالعمل والنية، ليحصل بالثناء عليهم بذلك ثناء على إخوانهم الذين لم يتمكنوا من لقاء العدو يومئذ ليعلم أن صدق أولئك يؤذن بصدق هؤلاء لأن المؤمنين يد واحدة).
يا أمة الإسلام، أعيدوا التفكير في شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله، ففيها التسليم والاستسلام، فيها ما يقول لك لا تتبع هواك فتضل. شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه منهجك وطريقك.
{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ” وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101].
فالدرس الأول عزيزي المسلم، كي ننهض فندفع وندافع، هي: نقطة ومن أول السطر؛ بل كتاب جديد، تبدأ صفحاته بسم الله الرحمن الرحيم. فها هي أولى الآيات التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ترسخ في قلوبنا قاعدة مهمة، أن كل أمرك، وضع تحت كل أمرك خطوط وعلامات وقلبها في عقلك حتى تتشرب معناها وتستوعبه جيدًا، كل أمرك، بالله وحده لا شريك له،
من أنت؟ عبد الله/ أمة الله، خليفة الله في الأرض، أحيا بالإسلام وأحيي بي الإسلام، أعيش لإعلائه مجاهدًا مرابطًا صابرًا محتسبًا تقيًا محسنًا موقنًا متوكلًا على الله فاطر السماوات والأرض وخالق كل شيء يدبر الأمر يفصل الآيات وهو على كل شيءٍ قدير!
هذا الدرس الأول باختصار، علامة أولية لبداية الطريق، فما هو واجبك؟ واجبك أن تقلب المعاني في قلبك، تتفكر فيها وتنزلها على واقعك، ترجع إلى كتاب ربك المبين فتختم الختمات بتركيز من يبحث عن حبل النجاة، ليستقر في قلبك معاني العبودية التي تسلم وتستسلم لله الحق، ووعده الحق، ولقائه الحق، والجنة حق والنار حق.
أعدنا ترتيب الأولويات؟ صبغنا بصبغة الإسلام عندما فتحنا كتاب الله عز وجل ليلًا نهارًا نتعرض لنوره فتنير ظلمتنا، وقرأنا ودرسنا سيرة رسولنا والأحاديث فتخلقنا بخلقها، وقرأنا عن دأب الصالحين قبلنا فشحذنا هممنا تبدل حالنا؟ تعبدنا لله بكل ما نفعل في اليوم والليلة ودخلنا في السلم كافة؟
بادر، ابذل، كن صادق، اترك لله وقتك وجهدك ومؤهلاتك، تحرك للأمام ولا تنظر خلفك، عينك على الفردوس الأعلى يا عزيزي المسلم!