معركة بدر هي المعركة الفاصلة بين الحق والباطل، معركة الفرقان، فكانت هي النصر المبين، وقطع الله بها دابر المشركين؛ لتكون كلمة الله هي العليا، وليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.
بدر، البئر الذي اجتمع حوله المسلمون والمشركون في السنة الثانية من الهجرة، ويقال إنه سمي بدر لأن رجلاً اسمه بدر حفره أو لأنه مستدير كالبدر ولأن البدر كان يظهر في مياهه. وأياً كان سبب تسميته، فبعد هذا البدر حل نور الفجر على البشرية وأشرقت شمس الإسلام لتخرج الناس من الظلمات إلى النور. فلن ننسى أبداً بدر ولا شهداء بدر الذين نصروا الدين ورفعوا راية الحق المبين؛ فالمؤمن لا ينسى ود أخيه ونحن على العهد ما بقينا. فاللهم ألحقنا بالشهداء الصالحين واجمعنا مع الذين أنعمت عليهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
شهداء بدر، ستٌّ من المهاجرين وثمانٍ من الأنصار
فمن المهاجرين:
١-عمير بن أبي وقاص:
من أصغر الشهداء في معركة بدر، إذ لم يتجاوز السادسة عشر من عمره، في “سير أعلام النبلاء” للذهبي: عن عامر بن سعد عن أبيه قال: (رد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن أبي وقاص عن بدر، استصغره، فبكى عمير فأجازه، فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره، فقتل وهو ابن ست عشرة سنة).
٢-صفوان بن وهب:
هاجر إلى مكة وشارك في سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة، وقتله طعيمة بن عدي في معركة بدر
٣-مهجع العكي مولى عمر بن الخطاب:
أعتقه عمر بن الخطاب، فكان من السابقين في الإسلام وهو أول شهيد في معركة بدر.
٤-ذو الشمالين عمير بن عبد عمرو:
كان من أوائل المسلمين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم، وهو الذي قال لرسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فأتم رسول الله الصلاة.
٥- عاقل بن البكير:
ويقال إنه كان اسمه غافل وغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عاقل. أسلم عاقل هو وإخواته الثلاثة، وهم من أول من بايع فى دار الأرقم، فنعم الإخوة. قال الذهبي: (أسلم عاقل وعامر وإياس وخالد بنو أبي
البكير جميعًا، وهم أول من بايع في دار الأرقم. ولهم ثلاث إخوة من أمهم عفراء بنت ثعلبة، وهم معاذ ومعوذ وعوف وكلهم الإخوة السبعة حضروا بدر، إن هذا لهو الشرف العظيم).
٦-عبيدة بن الحارث:
وهو أسن من رسول الله بعشر سنين وصاحب أول لواء عقده رسول الله له في الإسلام. استشهد إثر إصابته من مُبارزة شيبة بن ربيعة في معركة بدر.
ومن الأنصار:
١-سعد بن خيثمة:
استشهد سعد بن خيثمة رضي الله عنه في معركة بدر، وكان له مع أبيه في هذه المعركة موقف، قال ابن حجر: (قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: استهم يوم بدر سعد بن خيثمة وأبوه فخرج سهم سعد فقال له أبوه: يا بني آثرني اليوم، فقال سعد: يا أبت لو كان غير الجنة فعلت، فخرج سعد إلى بدر فقتل بها، وقتل أبوه خيثمة يوم أحد). وهذا الموقف من سعد رضي الله عنه يعطي صورة مشرقة عن مدى حرص وتسابق الصحابة رضوان الله عليهم في معركة بدر على الخروج للجهاد والقتال في سبيل الله، بل وتنافسهم في الحرص على الشهادة والموت في سبيل الله، فسعد الابن ووالده خيثمة لا يستطيعان الخروج معاً لاحتياج أسرتهما لبقاء أحدهما، فلم يتنازل أحدهما للآخر عن الخروج للقتال رغبة في نيل الشهادة، حتى اضطرا إلى الاقتراع بينهما، فكان الخروج من نصيب سعد رضي الله عنه. لقد كان سعد رضي الله عنه في غاية البر والأدب مع والده، ولكنه كان حريصاً على الجهاد في سبيل الله، مشتاقاً إلى الجنة، ويعبر عن ذلك قوله لأبيه: (يا أبت لو كان غير الجنة فعلت).
٢-مبشر بن عبد المنذر الأنصاري:
آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بين مبشّر بن عبد المنذر وعاقل بن أبي البُكير، ورزقهما الله الشهادة يوم بدر فعاشا على إخوة الدين وماتا دفاعاً عن الدين.
٣-حارثة بن سراقة:
قصة استشهاده يرويها البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أم الربيع بنت البراء -وهي أم حارثة بن سراقة- أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا نبي الله، ألا تحدثني عن حارثة -وكان قتل يوم بدر، أصابه سهم غرب -لا يعرف من أي جهة رمي به-، فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك، اجتهدت عليه في البكاء؟ قال صلى الله عليه وسلم: “يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى”). وفي رواية أخرى: فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله! أخبرني عن حارثة؟ فإن كان في الجنة صبرت، وإلا فليرين الله ما أصنع -تعني من النياحة-، وكانت لم تحرم بعد، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: “ويحك أهبلت؟ إنها جنان ثمان، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى”.
٤-رافع بن المعلا:
وهنا نجد أيضاً رافع بن المعلا الأنصاري، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين صفوان بن وهب من المهاجرين واستشهدا معاً يوم بدر.
٥-عمير بن الحمام:
أول شهيد من الأنصار في معركة بدر، قال عاصم بن عمر بن قتادة: (أول قتيل قتل من الأنصار في الإسلام -أثناء القتال- عمير بن الحمام).
ويروي أنس بن مالك رضي الله عنه قصة استشهاد عمير بن الحمام في معركة بدر فيقول: (فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه -أمامه-“، فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض”، قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري: (يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض)؟ قال: “نعم”، قال: (بخ بخ -كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه في الخير-)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يحملك على قولك بخ بخ”؟ قال: (لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها)، قال: “فإنك من أهلها”، فأخرج تمرات من قرنه -جعبة السهام- فجعل يأكل منهن، ثم قال: (لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة)، قال: فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل) رواه مسلم.
٦-يزيد بن الحارث:
هو يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك الأنصاري الخزرجي، المعروف بابن فسحم، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين ذي الشمالين الذي ارتقى شهيداً أيضاً في معركة بدر.