رقة قلب المرأة وسرعة أوبتها إلى زوجها تمتاز المرأة برقة قلبها وغلبة العاطفة عليها، ولذلك فهي تتأثر بالكلام أكثر من تأثر الرجل، وتُجرح مشاعرها بصورة سريعة أكثر منها عند الرجل.
ولأنها رقيقة القلب فهي لا تحمل الضغينة في قلبها على زوجها على وجه الخصوص، بل يمتلئ قلبها حبا له، لذا فهي سريعة الأوبة إلى زوجها الذي طلقها وانقضت عدتها منه، خاصة إذا رأت منه رغبة ف العودة فإنها غالبا ما تكون أبعد عن الرفض، وأقرب إلى المبادرة بالعودة.
قال تعالى: ﴿وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾.
قال ابن عاشور -رحمه الله-: “المراد من هذه الأية مخاطبة أولياء النساء، بألا يمنعوهن من مراجعة أزواجهن، بعد أن أمر المفارقين بإمساكهن بمعروف ورغبهم في ذلك، إذ قد علم أن المرأة إذا رأت الرغبة من الرجل الذي كانت تألفه وتعاشره لم تلبث أن تقرن رغبته برغبتها، فإن المرأة سريعة الانفعال قريبة القلب، فإذا جاء منع فإنما يجيء من قبل الأولياء ولذلك لم يذكر الله ترغيب النساء في الرضا بمراجعة أزواجهن، ونهى الأولياء عن منعهن من ذلك”.
وقد وقعت حادثة في عهد النبي ﷺ كانت سببا لنزول هذه الآية، وهي حادثة معقل بن يسار وزوج أخته.
فَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ زَوَّجَ أُخْتَهُ رَجُلاً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَكَانَتْ عِنْدَهُ مَا كَانَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، فَهَويَهَا وَهَوِيَتْهُ، ثُمَّ خَطَبَهَا مَعَ الْخُطَّابِ، فَقَالَ لَهُ: يَا لُكَعُ، أَكْرَمْتُكَ بِهَا وَزَوَّجْتُكَهَا فَطَلَّقْتَهَا، وَاللَّهِ لا تَرْجِعُ إِلَيْكَ أَبَدًا آخِرُ مَا عَلَيْكَ.
قَالَ: فَعَلِمَ اللَّهُ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا وَحَاجَتَهَا إِلَى بَعْلِهَا
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَإِذَا طَلَقْمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾،
فَلَمَّا سَمِعَهَا مَعْقِلٌ قَالَ: سَمْعًا لِرَبِّي وَطَاعَةً. ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: أَزَوِّجُكَ وَأُكْرِمُكَ.