أيعقل بتوبتي أن أعود الحيية العفيفة، بعد أن أخطأت؟

|

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو علاج التعلق بغير الله؟ ابتليت بعلاقة محرمة والحمدلله تبت منها. ولكن أشعر أن شؤمها ما زال معي، كيف أتخلص من ذلك؟ كيف لا أعلق قلبي بهذا الشخص؟ كيف أزدهر وأشعر بالحياة؟ كيف أتراجع عن قرار عدم زواجي من غير هذا الشخص؟ وذلك لأني أشعر أنه إن تزوجت من غيره فهذا غش للشخص الجديد، إذ أعطيت غيره ما كان ينبغي أن يأخذه هو!
هل أنا مخطئة في كثرة دعائي أن يجمع الله بيننا في عفو وعافية؟ أنا في كرب شديد والحمدلله سببه الذنوب، لا أقنط من رحمة الله لكن كيف للكسور أن تلتئم؟
أيعقل بتوبتي أن أعود الحيية العفيفة؛ بعد أن تجرأت وفجرت؟
جاوبوني بصدق! أبعد الفسوق والفجور تعود الفطرة؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هل تستطيعين أخذ نَفَس عميييق؟ 

جربي؟!.. أيمكنك التنفس بعد؟!

الحمد لله… مازلت حية..! ما أجمل رحمة الله..! لديك فرصة ذهبية..!

لا ينقطع الأمل في الله.. وأنفاسك تخرج… وروحك باقية..!

دونك باب التوبة ..ادخلي فقط.. لتشعري بالأمان المفقود من الذنب..!

ما أريده منك.. أن تفكري بنفسك لا بذلك الشخص ولا بزواجك به أو بغيره الآن..

لأنك إذا سعيت لإصلاح نفسك وقلبك… فلن يهمك العالم بأسره..! ببساطة هو استغناء بالله..!

وتلك والله سعادة وسلام لا يعدلها شيء..! فقط جربي وجاهدي..!

أما نظرتك السلبية لنفسك فذاك من آثار الذنب.. ولم تضع عفتك بقدر ما اهتزت صورتك أمام نفسك.. لكن المهم أن تكون حافزا لك لا محطما لنفسك..

والفرق: أن الحافز يدفعك إلى الحفاظ على نفسك والتعلم من هذه التجربة، مع زيادة الاستغفار والاستكثار من العمل الصالح لتتبدل سيئاتك حسنات، وأن لا تضعي نفسك في مواضع الريبة ..

أما التحطيم: أن تعتقدي أن كل شيء ضاع… حتى تصلين للاكتئاب ثم اليأس.. ثم..!! وهذا عين ما يريده الشيطان من ابن آدم… خلقنا الله ونحن معرضون للخطأ… فلم تكن النهاية مع الذنب.. بل تكون بداية التوبة والقرب من الله..

لا شيء يمنعك من التوبة والعودة… وقد تعودين بأفضل مما كنت بكثير..وولو تتبعت قصص السلف تجدين هذا كثير جدا..!

لا تيأسي أبدا.. ولا تتمادي أكثر… عودي يقبلك الله الرحمن الرحيم ويتوب عليك.. ويفرح سبحانه بتوبتك وهو الغني الحميد سبحانه.. وولا تنسيني من دعائك بعد توبتك.. فقد محيت ذنوبك فهنيئا لك..

أما بالنسبة لعلاج التعلق:

قد لا يعلم المرء منا أهمية التعلق بالله وحده حتى يأتيه مصاب من بلاء الدنيا الدنيّة.. وألم من البشر.. فيدرك علّته.. ويبحث عن حلّها..!

وما ذلك إلا لغفلتنا عن الله وعظمته وقدرته.. وإلا من يتأمل كتاب الله.. يجد أن كل شيء مرتبط بالخالق العظيم… والخضوع له والتوكل عليه وحده لا شريك له..!

أما كيف ذلك فقد تُكتب فيه الكتب ولا ينقضي الكلام.. ولكن مما يحضرني:

– الابتهال إلى الله في الدعاء بأن يعلق قلبك به وحده ويغنيك بفضله عن من سواه… والدعاء من أعظم الأسباب …

(فلا تمري على هذه النقطة كمن لم يقرأها)..

-لابد من امتلاء النفس بجرعات إيمانية.. كلما ازدادت المعرفة بالله وقدرته وعظمته وأسمائه وصفاته وشرعه…كلما ارتفع الإيمان وزاد التعلق بالله.. 

– الانشغال بكتاب الله حفظا وقراءة وتدبرا.. والتعامل مع الآيات أنها رسائل الله سبحانه لنا..

– كثرة ذكر الله.. كما قيل: أذكر الله حتى يظنك الناس مجنونا.. كالاستغفار والحوقلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وباقي الأذكار.. وهي عبادة يسيرة وقل من يوفق إليها… وقد حثنا الله في كتابه على ذكره كثيرا في أحلك المواقف كالقتال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)..

فكيف ونحن نجاهد أنفسنا التي بين جنبينا.. للتعلق به والخلوص له وحده..!

– الابتعاد قدر الإمكان عن الموضع الذي يسبب انشغال الفكر والقلب بغير الله.. وعدم ترك وقت للفراغ مطلقا.. لأن التعلق في أصله إشغال للفكر.. والفكر يهجم على الإنسان في فراغه أكثر..

– توطين النفس على فكرة أن الأمر كله بيد الله الخالق.. ومن نتعلق بهم قلوبهم وأمورهم بيده سبحانه.. فما يغني عنّا تعلقنا بهم..؟! والمسلم حين يستغني بالله… لا ينتظر حينها شيئا من أحد قط… فإذا كان معه من يحب اغتبط به ..وإن رحل عنه أو جفاه تمسك برحمة الله، يبرد قلبه ويخفف لوعته… فلا يجد لها أثرا كبيرا.. إلا كما تصيبه الشوكة في قدمه.. فيزيلها ويمضي ..

وليُعلم أن التعلق به سبحانه كالإيمان.. يزيد وينقص.. وكلما ابتعدنا استوحشنا.. وباغتتنا الآلام… وكلما اقتربنا وجدنا السكينة والأمان..

وهكذا نحن في جهاد لا يتوقف حتى نسلم الروح للرب سبحانه.. فهو ليس يسير إلا على من يسره الله له وأعانه عليه..

والله أعلم

أسأل الله أن يشرح صدرك ويردك إليه ردا جميلا..

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة