في سياق الحديث عن الثقافة والمرأة المثقفة، ومغالطات فهم الثقافة وكينونتها، رأيت منشوراً لفتاة على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي، يحتوي على صورة تمثيلية للإغريق الرومان، كتبت فوقه: من تقرأ أفلاطون وسقراط وأرسطو ونيتشه، ومحمود درويش، هل تعتقد أيها الرجل أنها ستقبل بك!
عندما تقول نسوية ما أنها “مثقفة” فقط لأنها قرأت أفكار نيتشه، أو أفلاطون، أو أرسطو، أو سقراط، وغيرهم من الفلاسفة والملحدين؛ يجب أن نوضح أن الثقافة الحقيقية ليست قراءة فقط؛ بل هي تكامل بين القراءة العميقة والفهم والتحليل والتطبيق الحكيم لهذه الأفكار في الحياة اليومية.
فليس كل من يقرأ يصبح مثقفًا، وليس كل كتاب يصلح للقراءة، وليس كل كتاب يستطيع أي شخص استيعابه. فمن لم يتأسس عقدياً ودينياً؛ ستتماطر عليه الشبهات والشكوك؛ بسبب هذه الكتب الملغومة المعكرة الممزوجة بالعسل والسم، فما بالك بكتب تتحدث فقط عن كيفية وجود الله وتسير في طريق الإلحاد ومجردة من العلم التجريبي الحقيقي، ولم تصل حتى لنتيجة مقنعة؛ بل دوامة وعصف عقدي قبل ذهني؟
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
الثقافة تتطلب القدرة على التفكير النقدي والوعي بالسياقات الاجتماعية والتاريخية التي أُنتجت فيها هذه الأفكار. فما يصلح لهم لا يصلح لنا، وما هو عندهم من العلماء والمفكرين عندنا من الهراطقة والمتزندقين.
ولا أعلم حقاً ما دخل محمد درويش في الثقافة، فهو شاعر وأديب وأغلب محتوى شعره رومانسية! أما بالنسبة للفلاسفة الذين ذكرتهم، رغم كونهم أعلاماً في تاريخ الفلسفة الغربية، فإن هذا لا يعني أن نستقي منهم الأفكار، وما دخل الثقافة والعلم بالفلسفة؟ ناهيك أنهم ملاحدة يقولون بأن الإنسان عبارة عن حثالة كيميائية وسلم هرمي ورتب والمرأة أدناه لأن معياره مادي بحت.
ومن أفكار وأقوال أولئك وغيرهم عن المرأة:
- أرسطو
كان له آراء متطرفة بشأن المرأة. في كتابه “السياسة”، اعتبر أن المرأة “مخلوق غير مكتمل” وأنها “أقل قدرة عقلية من الرجل”.
- نيتشه
في كتابه “هكذا تكلم زرادشت”، قال نيتشه: (إن المرأة هي المسؤول الأول عن الفساد في المجتمع، وإنها مجرد مخلوق ضعيف). كما أنه كان يروج لآراء تعتبر أن المرأة ليست قادرة على التفكير العميق مثل الرجل؛ بل مجرد كائن يُستغل في العلاقات الإنسانية. ويقول نيتشه أيضاً: (المرأة فخ نصبته الطبيعة، إذا كنت ذاهباً للقائها فخذ معك السوط).
- داروين
يقول: (على كل وجود المرأة في المنزل أفضل من الكلب)، ويرى أن أعلى مرتبة ومكانة تصل فيها المرأة أن تكون بقرة.
- دوكينز
يقول: (اعتقادك بأن الأغتصاب خطأ هذا أمر اعتباطي).
- جوستاف لوبون
قال: (المرأة أقرب بيولوجياً للهمج أكثر من الإنسان الحديث المتحضر؛ لكننا نستطيع أن نستوعب المرأة كاستثناء رائع لحيوان مشوه أتى بنتيجة على سلم التطور).
المرأة، في نظر هؤلاء الفلاسفة يُنظر إليها كأداة لتحقيق أهداف الرجال الاجتماعية والاقتصادية، ونرى هذا النتيجة في الأمر الواقع؛ فالمرأة اليوم عبارة عن أداة وسلعة يستخدمها الرأسماليين للتكسب منها، بعد الضحك عليها ببعض الترهات البراقة من تحرر واستقلال، وطبعاً لن تصل إلى التحرر والاستقلال إلا إذا تفننت بالتعري والركض خلف مادية الحياة.
الثقافة لا تعني فقط قراءة فلسفات قديمة تعتبر حينها حضارة لقوم شكلها على حسب احتياجهم، فكانوا أقواماً كافرة ووثنية؛ بل هي مسألة وعي وفهم نقدي لكل هذه الأفكار ومدى توافقها مع القيم الدينية والعقلية والعلمية والإنسانية الحقيقية. فالفلسفة اليوم في الغرب عبارة عن حضارة وثقافة كانت بهذه المنطق ولا يصلح استخدامها اليوم خصوصاً في أمريكا، فهي ليست علم تجريبي واقعي ملموس: بل تصورات لأناس حاولوا إيجاد حل بديل للفراغ المجوف في حياتهم؛ فأتوا بحل أسوء.
“الجهل ليس له نوع جنسي ولا عِرق، ولا دين، إنما هو علماني”.
-المعلم سادجورو