جلسة معك أيتها الشابة

|

بَيني وبَينَكِ أيتها الشابة العزيزة، تعالي لنجلِسَ جَلسةً، رُبَّما تُلم شَعثَ قلبِكِ، وحياتِكِ، وتُنير فِكركِ وتُوقِظه، وتكشفِ لكِ مَستورًا ما كَان يَجِب أن يُستَر… وكل ذلك، بفضلِ اللهِ.

جلستنا قد تطول قليلًا؛ وما ذلك إلا رجاءَ أن يطول نفعها سنينكَ أجمع وَيعُمّ. وأحب أن أبدأها بالكلام عن النِّية، مدارُ العملِ، ورأسه، والتي أوصيكِ أن تجدديها باستمرار، مذكٍّرةً بأنَّكِ خُلقتِ -يا أختي أمةَ الرحمن- للعبادة؛ فكُل أفعالكِ احتسبيها عبادةً، وطلبًا لرِضى الله جلَّ وعَزَّ؛ وعليه: حِجابكِ صُنتِ نفسكِ بهِ طاعةً، وزكيتِ نفسكِ طاعةً، وفعلتِ ما فعلتِ طاعةً، لا لرضا أمٍّ أو أبٍ أو أخٍ أو زَوج؛ إنما تحسنين إليهم كجادَّةٍ لمرضاة الله تعالى ذِكره. فاجعلي مِقياس أعمالكِ الشريعة، وإن كانت رؤيتها في صَحيفتكِ ستسعدكِ.

المتصدرون للكلامِ في الدينِ كُثُر، فليس كُل ملتحٍ وكل متحجبة وكل مشهورٍ ذي اسمٍ وصل القُطبيتَين أهلًا للفتوى والنُّصحِ والإرشاد، فانتبهي وتيقظي ولا تتخذي كل ما يصلكِ من أخبارٍ كمُسلَّمات، بل اجعلي المرجعية للوحي بفهمِ السلف الصالحِ، و«لا تُبالي بما يُلقونَ من شُبه وعندكِ العقلُ إن تدعيه يستجبُ».

يا أختي، علقي قلبكِ بالصلاة، وحافظي عليها، ولا تفرطِّي بقيامِ الليل، واعملي حتى يسركِ ما في صحيفتكِ يومَ الدين، فلا تملي ولا تكلي التوبة، وازهدي بالدنيا وابتعدي عن ملهياتها وملذاتها الفانية، واجعلي القُرآن مشروع عمركِ وحددي حزبًا يوميًّا لا تتركيه تلاوةً وتفسيرًا وحفظًا ومراجعةً، وَعي أن منَ شبَّ على شيءٍ شابَ عليه.

كون بيئتكِ تنعكسُ عليكِ؛ جالسي أصحاب الورع والعلم، وصاحبي الصالحات واصبري نفسكِ معهُن، ولا تجالسي أصحاب الدنيا، ومثل هذا في المواقع، ففري من الأفلام والمسلسلات، ولا تخجلي أن تكوني وحدكِ تاركتها، أَوَيَخجل صاحب الحق؟! لا تدعي لنفسكِ مجالًا لتخجلي أصلًا، صاحبي من يبعدكِ عن الشر لا من يدعوكِ إليه. لا تتابعي فُجار المشاهِير؛ فمتابعة مشهورٍ فاجر كالجُلوس معه، وكثرةُ المساس تميتُ الإحساس؛ فشاهدي وتابعي من تحبين أن تكوني مثلهم، ولا تعودي عينيكِ على سيئِ المناظر والأشخاص.

أيْ أُخية، لا تطلقي بصركِ فهذا بدايةُ شرٍّ عَظيم، اضبطي عينيكِ يُضبط قلبُكِ، ولا تفرغي فؤادكِ فيصير فَريسةً سهلة المَنال لمرضِ العِشقِ، ولا تستسيغي الكَلام مع الرجال وضعي حُدودًا وضوابط، من تشديدِ القول وترك الرموز التعبيرية من قلوبٍ وغيرها، وإيجاز الجواب والابتعاد عن الخُضوع فِي الكلام.

في زمننا هذا، أصبح المُلِمُّ بما استحوذ على عقول الناس وجرَّهم وقادهم بتافهِ الأمور (التريندات) مواكِبًا للتطورات وأهلًا للرفقة والمجالسة، فإياكِ والانجرار وراء التيارات الجاهلة هذه، لا تهتمي إن لم تعلمي عنها، بل عدِّيها علامة خيرٍ وبُعدٍ عن إضاعة رأس مالكِ (وقتكِ).

يا حَبيبة، إن ابتليت بوالدين سيئين اصبري واحتسبي، ولا تأخذي سوءهما حجة لتقليدهما، بل اعملي على ألا يؤثرا فيكِ قدر المستطاع، وادعي لهما بالهداية والخير كثيرًا، بريهما مهما بلغ طغيانهما، وأطيعيهما في غير معصيةِ الخالق، ولنا في الصالحين عِبرة.

هذي نصائح جمعتها لكِ، أرجو أن تفيدكِ في الدارَين، وما هيَ إلا غَيضٌ مِن فَيض يطول المقام لذكره، وتجدين زيادةً وخيرًا منها في كتب الصالحين ومحاضراتهم، فامتثليها يرحمكِ الله واعملي على تزكيةِ نفسكِ بتخليتها وتحليتها، ولا تسوفي وتضيعي وقتكِ ورأس مالكِ، والله الله في حجابكِ، الله الله في عفتكِ.

مؤلفات مفيدة للاطلاع:

  • كتاب صالحات عرفتهن لـ شيخة القاسم.
  • سلسلة المرأة د. إياد قنيبي.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة