تتعرض المرأة العازبة اليوم لعقد مجتمع خطيرة، وتواجه انتقادًا لا يد لها في دوافعه، وتعيش حربًا نفسية شاقة، تؤخرها عن غايتها المخلوقة لأجلها ما لم تعرف كيف تواجهها بإيمان راسخ ونفسية صلبة.
أولًا: لنبدأ بغاية الإنسان من الخلق
غايته الرفيعة التي كُلّف بها، ولا يختلف شخص عن آخر إلا بسعيه الدؤوب في السبق. هذا الميدان هو الميدان الحقيقي الذي أوتي الإنسان فيه كل مقومات التفوق، فلا أحد متفضل على أحد إلا بتقواه، مقياس إلهي ثابت.
ثم إن معنى العبودية معنى شامل، يطال كل تفصيل في حياتنا، مظلة تسع كل خير إن كان خالصًا لله.
أن تعبدي الله في العطاء وفي المنع، وأسمى طاعة فيهما؛ أن تسخّري العطاء لأجله وتصبري على المنع لأجله.
إذ إنّ العبودية مركز تدور حولها حياة العبد بكل تفاصيلها، إن اختلَّ المركز؛ شردت دنيا العبد وتخبّط في لجب مظلمة، وكلّما زكى العبد نفسه؛ استقامت حياته في فلك منتظم.
ثانيًا: دعينا نقطف معانيًا عظيمة في اختبار المنع هذا
ودعيني أطرح عليك سؤالًا: ما لم يُختبر الإنسان، هل يذوق معنى الصبر واليقين؟ هل يتحققان دون الاختبار؟
الدنيا دار اختبار دائم، وإن حاز الإنسان شيئًا منها تطلّع لغيره، وفي كله سيختبر. فاستحضري أنَّ صبرك لله ثواب يزيد الله فيه لمن يشاء. لمَ أُحرم من الثواب؛ لأنني ساخطة على أمر الله؟ لمَ يخسر العبد ثوابه إن لم يطل مناله؟
إن لم أُختبر بهذا المنع؛ سأُختبر بغيره. قوليها بقلب خاضع: لأن حبّك أسمى غايتي، ولأنك تحب الصابرين، أصبرُ…
وأنَّ اليقين، لا يُعمل دون الاختبار. ليس اليقين في أنَّ الله سيؤتيني ما أريد؛ بل اليقين بخير الله الذي سيؤتيني إياه وإن خالف رغبتي.
هي رحلة لا أقول يستلذ الإنسان في مشقتها، بل في ثمرته منها. كلّما تعب الإنسان في سقاء شجيرته تنعّم بثمرته، وثمرة المؤمن المرجوّة آخرة يعدُّ لها.
ليتحرر الإنسان من قيود الدنيا، ويخفق بأجنحته في السماء ويردد من قلب عابد: “ما لم يكن بك عليَّ غضب، فلا أبالي”.
ثالثًا: الأُنس بالله؛ بابُ الأُنس بعباده:
ما لم يُنَعَّم الإنسان بذلك الأُنس؛ حُرم من جوهر أُنسه بالعباد، بل أُوكلَ إليهم. فحين يتحقق الأُنس بالله؛ لم يَضُرُّ ما دونه، ولو حقق الإنسان ما دونه وحده؛ لم يُحَصِّل الخير، ولم يُدرك النعيم. فالإنسان، محتاج لخالقه قبل احتياجه لأنيسه ولا بدّ.
رابعًا: لا تستمد المرأة قوتها من منهاج غربيّ
وتخسر قلبها إن حاربت بأداة فاسدة وانخلعت من فطرتها، ولا تستطيع الوقوف إلا بقوة الإيمان، متخلّقة بأخلاقها، ماضية لغايتها، تحذر الآخرة وترجو رحمة ربها، ولا شيء أبهى من أن تكون المرأة قوية به، “هي الياقوتة التي ترمى في اللهب ولا تحترق”. كما قالها الرافعي.
خامسًا: لا يُرضي الفتاة المشبعة بالمعاني رجل فاسد
ولا ترتضي من كان قلبها يحوم حول العرش برجلٍ يخلد إلى الأرض. وما لم يكن الزواج مسخّر للغاية نفسها فأي معنى للزواج؟
حياتك يدبّرها ربٌّ عظيم، فاطمئنّي لأمر الله.