سُنّة؛ أم اتكيت إسلامي؟

إنّ من نِعَم الله العظيمة علينا كمسلمين، أن هدانا لدينه الحنيف، واصطفانا للإسلام من بين آلاف البشر. هذا الدين العظيم الذي شمل أدقّ تفاصيل حياتنا، ورسمَ لنا في سُنّة نبيّه ﷺ طريق سيرنا في دُنيانا على بصيرةٍ وهدى، كي لا نضلّ أو نشقى.

ومن حَمْدنا لله، وشكرنا له -سُبحانه- على هذي النِّعَم؛ أن نسعى لتطبيق تفاصيل الدين، والعمل به بما يرُضي الله إخلاصاً له سُبحانه، وحُبّاً وخوفاً ورجاءً فيما عنده.

إتباع السُنّة

والمسلم بهذا يحرص على أن يتبع سُنّة حبيبه المصطفى -صلوات الله وسلامه عليه- ويُجاهد في سبيل ذلك، ويقتدي به في أحواله وشتّى تصاريف حياته، مؤتمراً بأمر ربّه له في كتابه حين قال عزّ من قائل:

﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آل عمران : ٣١].

فالحُبّ هوَ الطاعة، والاتّباع لا الابتداع!

والمسلم يتعلم سُنّة نبيه ﷺ، ويقرأ عن حاله في يومه وليلته، ويسعى للاقتداء به، ويفخر بهذا الاتّباع ولا يخجل منه، ولو خالفه كلّ الناس!

سُنّة وليست “اتكيت”

والسُنّة بهذا تُطَبَّق لأنها سُنّة فعلها الحبيب -صلوات الله وسلامه عليه-، فنفعلها اقتداءً به وسيراً على نهجه، وليست لأنها “اتكيت إسلامي” وفعل يُرضي الذوق العام!

وإنّ مما ابتُلينا به في هذا الزمان “الدعاة والداعيات الكيوت”، أو بالأحرى “المميّعون” الّذينَ يُحاولون الانسلاخ من مصطلحات الشريعة السمحاء.. فلقد وجد البعض منهم ضيقاً وحرجاً من استخدام أوصاف الشريعة وأحكامها ومصطلحاتها، فترى الداعية المميّع يعدل عن ذكر ذلكَ الوصف لفئة معينة كي لا يوصَف “بالتشدد”، أو يتجاوز ذلك الحُكم بناس مّعيّنين كي لا يوضع في قائمة العقول المتحجرة -كما يقولون-. أو تلك “المؤثِّرة” التي لا تستسيغ إطلاق سُنّة نبوية على أفعالٍ معينة، وتعدل إلى نعت السنن بـ “اتكيت إسلامي”، مُحاوِلةً لمواكبة مصطلحات العصر الحديث وتطوّراته!

خطر تغيير المصطلحات الشرعية

وإنّ هذا الأمر ليسَ هيّناً، فتغيير المصطلحات الشرعية ينعكس على الدين على مرّ الزمان؛ فالمصطلحات الشرعية لها معانٍ ودلالات، وينبني عليها أحكام، فإذا غُيّرت المصطلحات فسدَ الدين، والتبسَ الحقُّ بالباطل، وفسدَ دين الناس ودُنياهم!

وإنّ من انتصارنا للسُّنّة والدين في هذا الزمان، أن ننتصر للمصطلحات الشرعية التي جاءت في القرآن والسُّنّة، وأن نُعيد استخدامها ومزاحمة مصطلحات “المميّعين” لها في ما نكتب وما نقول!

أن نفعل السُّنّة ونقول: هيَ سُنّة الحبيب ﷺ لا غير. أن لا نخجل من الأوصاف التي جاء بها الدين بحقِّ بعض الناس، أو نعوتهم التي وردت فيه. أن نفخر بهذا الدين العظيم ونصدح به ولا نُبالي!

الحرب على الدين

فقد قامت على الدين اليوم حربٌ ضَروس، حربُ أفكارٍ وميادين، وجهادٌ فيها بالسِّنان واللِّسان، ومُدافَعة أهل الباطل فيما يكتبون وينشرون.

فإنّ تغيير المبادئ والعقائد، يبدأ بتغيير جوهرها، وما يدلُّ عليها من دلالاتٍ وألفاظ، و بـ”غربنة” المصطلحات الشرعية، وتمييعها لتغريب الناس عنها وطمس نورها!

وقد ذكر رسول الله ﷺ هؤلاء الناس لنحذَر منهم، حينَ قال: “لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ”

وعلى هذا الحديث فقِس، سترى عجباً. والله المستعان.

فاللهم مسكّنا بكتابك، وسُنّة نبيّك.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة