ودِدْتُ لو أنِّي أستطيع مُقابلةَ أحدَ الملاحِدة؛ لآخذ منهُ جوابًا عمَّا يتبادرُ للذهنِ السويِّ كُلَّما رأى بطشًا وجورًا في هذه الحياة؛ لأطرح على أولئك الذين لا يؤمنون بوجود إله؛ ولا بوجود آخرة؛ ولا بوقوع حساب سؤالًا واقعيًّا أجزِمُ أنَّهُم لا يُرِيدونَ أن يتسلل إلى تفكيرهم ولو لثوانٍ معدودة:
_تُراهُ عندما يقع ظالمكم على مظلومكم، ويتجاوز بطغيانه الحدَّ المُتوقع، ولا تجدون حقًّا ولا صوتًا ولا يدًا ترفع عنه ما يقع عليه من عتوٍّ وجور، ثُمَّ ينتهي المشهد بسَحْقِ المظلوم وانتشاء الظالم وعلوِّهِ، هكذا بهذه البساطة فقط، حينها ما الذي يُثبِّثُ عليكم عُقولكم بِحق!
ما الذي يربِطُ على قلوبِكُم بعد هذا الفجع!
بما تُعزُّونَ أنفسكُم إن لم يكن هُناك آخرة كما تزعمون!
كيف تتصبَّرون عند هذه المِحَن!
وكيف تُردُّ الحقوقُ لأصحابِها إن لم تستطع محاكِمُ الدُّنيا بإيفائِهَا؟
لا عجب واللّٰهِ مِنْ مُسلمٍ يُؤمِنُ بوجود ربِّه، ذاك الذي يُؤمِنُ أنَّ إلهَهُ هو مَالِكُ يومِ الدَّين؛ المُتصرِّفُ بجميعِ العبادِ الكافِرُ منهم والمُؤمِن؛الظَّالِمُ والمَظلُوم؛ الصغيرُ والكبير.
فتجدهُ يحمِلُ من اليقينِ الكافي ما يُثبِّتُ به فؤاده؛ صابرًا مُرابِطًا مُحتسِبًا أجرهُ عند الذي لا يضيعُ عندهُ مِثقالَ الذرَّة…
فكيف بِمَنْ عتَا عليهِ وتجبَّر؟
كيف بِمَنْ تفنَّنَ بتعذيبِهِ وقتلِهِ؟
هذا بالضبط ما لا يستطيعون فهمه عندما يُشاهِدونَ مؤمِنًا صابِرًا، هم لا ينتظرونُ بعد الموتِ شيئًا، بينما هو ينتظرُ حياته التي يتكبّد بحقٍّ بعد أن توافيهِ المنيَّة.
لسانُ حالِهِ يُردِّدُ في كُلِّ حالٍ : ما دامت نهايةُ ابنُ آدمَ الموتَ ومآلهُ إلى تُرابٍ يواريهِ؛ فلتفعلوا ما بوسعكُم، فإنَّ ربَّكم وربُّنا اللّٰه، آمنتُم به أم كفرتُم، وإنَّ لنا يومًا نكون به خصومكُم في محكمةِ أعدلِ الحاكمين.










