سلسلة الرد على الشبهات | إنكار السنة النبوية (٥)

|

السنة النبوية

الحمد لله الذي هدانا للإيمان، وشرّفنا باتباع خير الأنام، وأكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، وجعل في كتابه والسنة النبوية الهدى والبيان، وسبيل الرشاد واليقين.
نحمده سبحانه ونثني عليه الخير كله، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنزل الكتاب بالحق، وعلّمه نبيّه ﷺ، وأيّده بالوحي والحكمة، وأن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، المبعوث رحمةً للعالمين، بيّن القرآن وفسّره، وأمر بما أمر به ربه، ونهى عما نهاه، فما نطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يُوحى.
اللهم صلّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه وتمسّك بسنّته إلى يوم الدين.

في زمن كثرت فيه الفتن، وارتفعت أصوات التشكيك والطعن، ظهرت فئة تنكر السنة النبوية بحجة الاكتفاء بالقرآن، متجاهلة أن الله سبحانه أمر باتباع نبيه ﷺ وأوجب طاعته.
إن إنكار السنة يعني الطعن في الدين كله، وهدم أساس الرسالة، وتكذيب النبي ﷺ، ومن نقل عنه وحفظ الدين جيلاً بعد جيل.
والسنة النبوية هي كل ما صدر عن النبي ﷺ من قول، وفعل، وتقرير، أو صفة خلقية وخُلقية، وهي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن. بدونها لا يمكن فهم جل الأحكام التي أجملها القرآن.

تعريف السنة النبوية:

السنة النبوية هي كل ما صدر عن النبي ﷺ من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خلقية وخُلقية. وهي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم، وبدونها لا يمكن فهم كثير من الأحكام التي أجملها القرآن.

أهمية السنة ومكانتها:

في زمن كثرت فيه الفتن، وارتفعت أصوات التشكيك والطعن، ظهرت فئة تنكر السنة النبوية بحجة الاكتفاء بالقرآن، متجاهلة أن الله سبحانه أمر باتباع نبيه ﷺ وأوجب طاعته.
إن إنكار السنة يعني الطعن في الدين كله، وهدم أساس الرسالة، وتكذيب النبي ﷺ، ومن نقل عنه وحفظ الدين جيلاً بعد جيل.

حجية السنة في القرآن:

قال الله تعالى:

-{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]
-{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران: 32]
-{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم} [النساء: 65]
-{من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء: 80]
-{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44]
-{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} [النجم: 3-4]
-{ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} [الأحزاب: 36]
-{ويطيعون الله ورسوله} [التوبة: 71]

أقوال النبي ﷺ عن السنة:

-“ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه”

-“تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما: كتاب الله وسنتي”

-“من رغب عن سنتي فليس مني”

-“من كذّب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار”

-“يوشِك رجلٌ شبعانٌ على أريكتهِ يقول: حسبنا كتابُ الله…”

-“أوصيكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي”

نشأة منكري السنة (القرآنيون):

ظهرت هذه الطائفة في العصر الحديث، ابتدأوا بفكرة الاكتفاء بالقرآن فقط على يد “أحمد خان” في الهند (القرن 19)، ثم امتد فكرهم إلى باكستان ثم الغرب.

أهدافهم:

-تفريغ الدين من التشريع العملي
-تسويغ الانحلال باسم “القرآن فقط”
-تشكيك الناس بمقتضى حُجية السنة
-ترسيخ مفهوم أن السنة ناقصة وبها أخطاء

أبرز شبهاتهم والرد عليها:

١_ قولهم: “حَسبنا كتاب الله”!

الرد: الصلاة والزكاة والحج والطلاق والحدود كلها مفصلة بالسنة. بدونها لا يمكن التطبيق العملي.

٢_ الأحاديث ليست صحيحة دائمًا!

الرد: علم الحديث دقيق جدًا، يميز بين الصحيح والحسن والضعيف والمتواتر والآحاد، وعلم الرجال. مثال: “ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه” (رواه أبو داود)، صحيح وثابت بالسند.

٣_القرآن يكفي للتشريع!

الرد: القرآن يعطي الحكم العام، والسنة تفصل وتشرح: عدد الركعات، أوقات الصلاة، آداب الزواج، كيفية الطلاق، الجزاء، الزكاة، الحج… فجل هذه الأحكام ليست مفصلة بالقرآن.

٤_ التاريخ أظهر تضارب الأحاديث!

الرد: لم يُفهم ذلك إلا بعد دراسة علوم السنة: الجرح والتعديل، علم الرجال، علم العلل، علم المصطلح، التواتر والآحاد.

٥_ السنة من صنع البشر!

الرد: حفظها الصحابة، كتبها التابعون، جمعها الأئمة (البخاري، مسلم…) مع ضوابط صارمة للإسناد.

٦_ ينكرون للتفاصيل العملية كالعبادات!

الرد: بدون السنة تضيع عبادات الإنسان، فالقرآن لم يذكر عدد ركعات الصلاة، أو كيفية الزكاة، أو صيغ الطلاق…

٧_ السنة تضيف قواعد جديدة غير موجودة في القرآن!

الرد: السنة لا تضيف شيئًا مستقلًا، بل تشرح وتفصّل ما أجمله القرآن.

٨_القرآن متواتر، والحديث آحاد، فكيف نثق بالآحاد؟

الرد: الآحاد الصحيح المتصل السند يُعمل به، والفضائل يمكن الأخذ بالأحاديث الضعيفة المحدودة.

٩_ الاعتماد على العقل بدل النقل!

الرد: العقل بدون النقل غير كافٍ، والسنة أداة الربط بين النص القرآني والواقع التطبيقي.

١٠_الإسلام مكتمل بالقرآن وحده!

الرد: الإسلام دين عملي وعبادات وتكليفات واضحة، لا يمكن فهمها إلا بالسنة، وهي تحفظ تطبيق الدين كاملًا.

السنة والقرآن: البيان والتفصيل والتطبيق:

القرآن: “أقيموا الصلاة” السنة: عدد الركعات، الأذان، التشهد
القرآن: “آتوا الزكاة” السنة: مقدارها، إخراجها.

جمع السنة وحفظها:

الصحابة جمعوا الحديث وسجلوا الأفعال والأقوال
التابعون دققوا الأسانيد وقوّموا الروايات
الأئمة جمعوا الصحيح وفق ضوابط علمية
النتيجة: دين محفوظ، وتطبيق عملي للقرآن

علوم السنة وضبط الرواية:

علم الحديث: ضبط المرويات، التفرقة بين الصحيح والحسن والضعيف والموضوع
علم الرجال: التثبت من عدالة وضبط الرواة
علم العلل والمصطلح: تحديد الإشكاليات في السند والمتن
الجرح والتعديل: تقييم الروايات
التواتر والآحاد: تحديد حكم وحجية العمل

موقف العلماء من إنكار السنة:

ابن باز: “من أنكر السنة فقد أنكر القرآن، ومن عصى الرسول فقد عصى القرآن، فهو كافر بإجماع أهل العلم.”

دار الإفتاء الأردنية: “من أنكر السنة أو الأحكام الثابتة بها ضلّ عن سواء السبيل، وترك القرآن قبل تركه للسنة، وهو على خطر عظيم إن كان يعدّ نفسه مسلما.”

شبكة الألوكة: “إنكار السنة إبطال للدين كله، وهدم للقرآن نفسه.”

ابن عبد البر: “أجمع المسلمون أن السنة قاضية على كتاب الله ومبيّنة له، ومن أنكرها فهو كافر.”

الإمام الشافعي: “إذا وجدتم في كتاب الله فخذوا به، وإن لم تجدوا فبسنتي.”

النووي: “من أنكر حديثًا صحيحًا مجمعًا على صحته فهو كافر إن علمه.”

ابن تيمية: “من جحد ما علم أنه من دين الرسول فهو كافر بإجماع المسلمين.”

ابن القيم: “السنة شارحة للقرآن وبيانه، وإنكارها إنكار للرسالة.”

أحمد بن حنبل: “من رد حديث رسول الله ﷺ فهو على شفا هلكة.”

التفصيل العقلي والنقلي في الحكم:

نقليًا: وجوب اتباع الرسول ﷺ في القرآن
عقليًا: السنة تفصّل ما أجمله القرآن
النتيجة: إنكار السنة إخراج من دائرة أهل السنة، وقد يصل إلى الكفر

تنبيه في التطبيق العلمي:

التفريق بين أنواع الأحاديث واجب
الرد على المنكرين يكون بإثبات حجية السنة من القرآن والسنة وإجماع الأمة
يجب التمييز بين منكر السنة مطلقًا ومنكر بعض الأحاديث

إن إنكار السنة يتوجب به:

  • -ضياع الصلاة والزكاة والحج والعبادات
  • -اختلال العقيدة وفهم القرآن
  • -تعطيل العدل والحقوق بين الناس
  • -ضعف التربية العملية والأخلاقية في المجتمع
  • -الإسلام يصبح مجرد نظريات دون تطبيق

شهادات غربية في علم الحديث:

-Joseph Schacht: “علم الحديث الإسلامي من أدق أنظمة التوثيق التاريخي التي عرفها البشر.”

-Ignaz Goldziher: “الإسناد فكرة عبقرية انفرد بها المسلمون، وهي أساس موثوقية الرواية.”

-Montgomery Watt: “لا توجد أمة عنيت بنقل تراثها كما فعل المسلمون في الحديث النبوي.”

-David Margoliouth: “علم الحديث يعطي فكرة دقيقة عن أمانة المسلمين في النقل.”

-Michael Cook: “لا يوجد كتاب نقل بالتواتر مثل الحديث النبوي، حتى بالمقارنة مع الكتب المقدسة الأخرى.”

-Arthur Jeffery: “دقة السند الإسلامي تدهش من يدرسه، وتفوق ما لدى أي حضارة أخرى.”

-John Esposito: “الحديث يُظهر التفاعل الإنساني مع الوحي، ويعكس الحياة النبوية بدقة.”

-H. A. R. Gibb: “التوثيق الحديثي فريد بين جميع الحضارات، ويستحق الدراسة المعمقة.”

-Martin Lings: “علم الإسناد الإسلامي أعطى بعدًا جديدًا لفهم التاريخ والروحانية.”

-Karen Armstrong: “لا حضارة عنيت بالتحقّق من الروايات مثل الحضارة الإسلامية، خاصة في الحديث.”

السنة النبوية تاج التشريع، وروح الفهم القرآني، وقاعدة العقيدة. حفظها الله كما حفظ القرآن.
الردّ على منكريها واجب شرعي وعلمي، لأن بدون السنة لا يكتمل تطبيق الدين، ولا تُفهم مقاصده.

اللهم اجعلنا من المتّبعين لسُنّة نبيك، السائرين على درب السلف الصالح، الثابتين على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
اللهم اجعلنا ممن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، واجعلنا من أهل الرضا والتسليم، وثبتنا على الإيمان حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة