سلسلة الرد على الشبهات | ما زلت صغيرة على الزواج؟ (٦)

|


الحمد لله الذي هدانا للإيمان، وشرَّفنا بالإسلام، وجعلنا من أمة خير الأنام ﷺ، نحمده سبحانه على ما شرع لعباده من شرائع تحقق المصلحة وتدرأ المفسدة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

في زمنٍ ارتفعت فيه الأصوات التي تتحدث باسم “الإنسانية” و”الحرية” و”حقوق المرأة”، صار الإسلام – وهو دين الفطرة والعدل – يُتَّهَم ظلمًا بأنه يجيز “تزويج الصغيرة”، وكأن هذا التشريع السماوي ضربٌ من الجور والاعتداء، بينما هو في حقيقته رعايةٌ وكفالةٌ وحمايةٌ ورحمة.

إنَّ من الخطأ أن تُفهم قضية الزواج المبكر بمعايير الغرب أو مفاهيمهم الحديثة المنفصلة عن الفطرة. فالإسلام لم يجعل سنًّا واحدةً لجميع الناس، وإنما راعى البلوغ والنضج والقدرة على تحمّل المسؤولية، وهذه تتفاوت من فتاة إلى أخرى.
فكم من فتاةٍ بلغت الخامسة عشرة وقد نضج فكرها وجسدها، وكم من أخرى بلغت الثلاثين وما زالت عاجزة عن تحمّل مسؤولية نفسها أو أسرتها.

إنّ العيب ليس في مشروعية الإسلام، بل في طريقة تربيتنا الحديثة التي غرست في نفوس بناتنا الكسل والاتكال، حتى صارت الفتاة في عمر العشرين عاجزة عن طهي طعام أو إدارة بيت، بينما كانت فتاة الأمس تقود أسرة وتربي أجيالًا. العيب في اتباعنا الأعمى للغرب، فإن جعلوا سن الزواج في الثامنة عشرة اتبعناهم، وإن جعلوه في الخامسة والعشرين سرنا خلفهم، وكأنهم مقياس التحضر ونحن مقياس التخلف!
تُمنع الفتاة من الزواج في الثانية عشرة، ولكن لا يُستنكر أن تقع في الزنا في العمر نفسه أو أن تُجهض جنينًا سفاحًا، وهذا هو التناقض الأكبر.
الإسلام، بخلاف ذلك، يحميها بزواجٍ شرعي يكفلها ويصونها ويجعل لها زوجًا مسؤولًا عن رعايتها ونفقتها. أما المجتمعات التي حرّمت الزواج المبكر بدعوى “الحرية” فقد أطلقت العنان للفواحش تحت مسميات براقة، فهدمت الأسرة وأضاعت الأجيال.

لقد راعى الإسلام مصلحة الفتاة في كل حال، فوضع ضوابط واضحة للزواج بالفتاة غير البالغة، وهي الكفالة والرعاية والحماية لا الاستغلال.

يقول الله تعالى:
"وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم" [النساء: 6]،

وفي هذه الآية دلالة على أن البلوغ والرشد هما مناط الأهلية، وأن الإسلام لا يجوّز الزواج إلا مع القدرة العقلية والجسدية.

فالإسلام لا يجيز ظلم الفتاة أو إجبارها، بل أوجب رضاها الصريح، فقال النبي ﷺ: “لا تُنكَح الأيّم حتى تُستأمر، ولا تُنكَح البكر حتى تُستأذن” (رواه البخاري).
فإن كان الدين قد حمى حقها في اختيار الزوج، فكيف يُقال إنه ظلمها بزواجها وهي راضية ناضجة؟

علينا أن نعي أن الله تعالى لم يشرع حكمًا إلا وفيه حكمة عظيمة، ولو أن الناس تدبروا لعلموا أن التشريع الإسلامي هو الأرحم بالمرأة.

فالله تعالى قال "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا" [المؤمنون: 115].

فما من أمرٍ في الإسلام إلا وله حكمة، ومن لم يدركها فقصوره ليس دليلًا على نقص الشريعة.

والتجارب البشرية تشهد أن النضج لا يُقاس بالعمر، فكم من فتيات صغيرات السن حملن مسؤوليات عظيمة ونجحن فيها، وكم من راشدات في الثلاثين عجزن عن تحمل حياة زوجية بسيطة. البيئات تختلف، ففتاة الريف قد تنضج قبل فتاة المدينة، والتجارب تصنع الفوارق. لذلك لم يضع الإسلام سنًا جامدًا، بل ترك الأمر لتقدير الولي والقدرة والرشد.

إن من المؤلم أن يُحرّم الغرب الزواج في سنٍّ معينة بحجة صِغَر السن، بينما يبيح العلاقات المحرمة والإجهاض وقتل الأجنة باسم الحرية! أيّ تناقضٍ أعظم من هذا؟ إنهم يرفضون الزواج الذي يصون ويُكرّم، ويُجيزون الفاحشة التي تُهين وتُدمّر.

لقد أثبتت الوقائع الاجتماعية والنفسية أن الزواج المبكر، حين يُقام على أسس شرعية صحيحة من رضا ومودة ومسؤولية، يعزز الاستقرار الأسري ويحدّ من الانحراف، بينما التأخر المبالغ فيه يفتح أبواب الفتن والاضطرابات النفسية.
فالواجب أن ننظر إلى الزواج بعين الشرع لا بعين العُرف الغربي.

والله تعالى قال: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36].

فمن آمن بحكمة الله وعدله علم أن تشريعه لا يظلم أحدًا، بل هو صمام الأمان للمجتمع والأسرة والمرأة على حد سواء.

فالبلوغ الجسدي لا يعني الجاهزية الكاملة للزواج؛ فالشخص قد يبلغ جسديًا لكنه يفتقر للنضج العقلي أو الاجتماعي.
الزواج مسؤولية وليس مجرد علاقة جسدية، لذا يجب أن يُنظر للبلوغ كمرحلة أولى، تليها مراحل من التأهيل النفسي والاجتماعي.

أن بعض المجتمعات تركز على البلوغ كعلامة كافية للزواج، بينما الإسلام يربط الزواج بالقدرة على تحمل المسؤولية، كما في الحديث: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج…”
حيث فُسرت “الباءة” بأنها القدرة المادية والنفسية.
الفرق بين البلوغ والنضج:-
البلوغ = تغيرات جسدية مثل الحيض أو الاحتلام.
النضج = القدرة على اتخاذ قرارات واعية، فهم الذات والآخر، وتحمل تبعات الزواج.

التربية قبل الزواج:-
يجب تثقيف الشباب قبل الزواج، وتعليمهم مهارات التواصل، إدارة الخلافات، وفهم الفروق النفسية بين الجنسين.

حيث أن الزواج المبكر قد ينجح إذا توفر التأهيل المناسب، لكنه قد يفشل إذا تم بناءً على البلوغ فقط دون استعداد نفسي واجتماعي حيث إن بعض المجتمعات الإسلامية تخلط بين البلوغ والجاهزية للزواج، مما يؤدي إلى مشاكل زوجية لاحقًا. فالشرع الإسلامي لا يحدد عمرًا معينًا للزواج، بل يشترط القدرة والاستعداد، وهو ما يجب أن يُفهم بشكل أعمق في السياق التربوي.

الحكمة والمصلحة في الزواج المبكر:-
الإسلام حين أباح الزواج قبل البلوغ لم يترك الأمر هملاً أو عبثًا، بل قيده بضوابط شرعية دقيقة تحفظ للفتاة كرامتها وتحقق مصلحتها. فليست القضية شهوةً ولا استغلالًا، بل نظامًا أسريًا راقيًا يقوم على الرعاية والمسؤولية.

فالزواج في الإسلام ميثاق غليظ، لا عقد متعة عابر، ووسيلة لصون النفس وغض البصر، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والعفاف الفردي.

قال تعالى:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

فإذا كانت الفتاة غير بالغة، فإن الوليّ لا يُزوّجها إلا لمصلحة راجحة تحقق لها الأمن والرعاية، ويُحسن الزوج إليها حتى تبلغ وتنضج، وتُخيّر حينئذٍ في الاستمرار أو الفسخ.
أما الدخول بها فلا يجوز إلا إن كانت تطيق جسديًا، وهذا من تمام رحمة الإسلام وعدله. الإسلام حين أباح الزواج قبل البلوغ لم يطلق الأمر هملاً، ولم يجعله وسيلة لاستغلال الطفولة، بل جعله كفالةً ورعايةً للفتاة، وصيانةً لها من الفتنة والضياع. فالزواج في الإسلام ليس عقد شهوة، بل ميثاق غليظ ومسؤولية أخلاقية واجتماعية.

أما إذا بلغت الفتاة وأتاها أمر الله بالحيض والتكليف، فهي مسؤولة عن أفعالها، تُحاسَب على الطاعة والمعصية، أفيسوغ بعد ذلك أن تُعاقَب على ذنبٍ وتُمنَع من الزواج؟
إن العيب ليس في شريعة الإسلام، بل في مجتمعاتٍ علمت أبناءها الكسل والاعتماد، واتبعت الغرب في كل تفاصيل حياتها.

الغرب الذي يرى الفتاة “صغيرة على الزواج”، لا يراها صغيرة على الانحراف والعلاقات المحرمة، ولا على الحمل أو الإجهاض في سن الثالثة عشرة!
العيب ليس في تشريع الإسلام، بل في من قيّد شرع الله ليرضي الغرب، فصاروا يرون الزواج المبكر جريمة، بينما الزنا حرية شخصية!
لو تأملتَ لوجدتَ أن الإسلام حين أباح الزواج المبكر لم يقصد بذلك “العلاقة الجسدية”، بل أراد حماية الفتاة من الانحراف، وتأمين كرامتها، وجعل الزوج مسؤولًا عن رعايتها ونفقتها وحمايتها، بخلاف الغرب الذي تركها فريسةً ثم تخلّى عنها حين تلد أو تُجهِض أو تُصاب بالاكتئاب.

وما من شك أن البيئات تختلف، ففتاة القرى التي تعوّدت تحمل المسؤولية منذ الصغر ليست كمن تربّت على الترف واللهو في المدن، والعبرة ليست بالعمر بل بالنضج والقدرة؛ فكم من فتاة في الثلاثين لا تطيق مسؤولية الزواج، وكم من صغيرة السنّ تفوقها عقلًا وتحملًا.

إن البلوغ في الإسلام علامة من علامات التكليف، لكنه ليس المعيار الوحيد للزواج؛ إذ يشترط مع ذلك النضج والرشد والقدرة.

قال تعالى:﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: 6].

فربط البلوغ بالنكاح، وقرنه بالرشد، أي النضج العقلي والاجتماعي.

الضوابط الشرعية لزواج الفتاة غير البالغة:

  • ١_تحقق المصلحة الراجحة: لا يُزوّج الوليّ الفتاة إلا لمصلحة ظاهرة معتبرة شرعًا.
  • ٢_الحق في الفسخ بعد البلوغ: إذا بلغت الفتاة فلها الخيار في إقرار الزواج أو فسخه.
  • ٣_تحريم الدخول بها قبل الإطاقة: لا يجوز الدخول بالزوجة الصغيرة حتى تطيق جسديًا.
  • ٤_مقصد الزواج الرعاية لا الشهوة: المقصود هو الكفالة والحماية لا الإضرار أو التسلية.
  • ٥_مسؤولية الوليّ والزوج: يُحاسبان شرعًا على أي تفريط في حق الفتاة أو إساءة في معاملتها

(بهذا يتضح أن الإسلام لم يجعل الزواج بالفتاة الصغيرة غاية، بل وسيلة لحمايتها، بخلاف ما يروّجه أعداء الإسلام من افتراءات)

مشروعية الزواج من (القاصر) في القرآن والسنة:

القرآن:

﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: 3].
﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: 4]

أي أن العدّة تثبت لغير البالغة مما يدل على صحة عقدها.

﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى…﴾ [النساء: 6].
﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ…﴾ [النور: 32].
«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا…» [الروم: 21]

الزواج آية ورحمة، وليس تقييدًا بالسن أو العُرف.

السنة :

قوله ﷺ: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج…» (متفق عليه).
زواجه ﷺ بعائشة رضي الله عنها، ولم يدخل بها إلا بعد أن أطاقت. (رواه البخاري).
قوله ﷺ: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه…» (الترمذي).
قوله ﷺ: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» (الترمذي).
قوله ﷺ: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه…» – يؤكد أن المعيار هو الكفاءة، لا العمر.
(وفي هذه الأحاديث توجيه نبوي واضح إلى أن القدرة والرشد هما أساس أهلية الزواج، وأن الأصل فيه الإحصان والرعاية)

الزواج في الإسلام منظومة متكاملة، تراعي الجسد والعقل والروح.
فإذا كان الإسلام يربط الزواج بالرشد، ويمنع الدخول إلا بالقدرة، ويعطي الفتاة حق الفسخ حين تبلغ، فأين الظلم؟
بل الظلم الحقيقي هو في المجتمعات التي تمنع الزواج الشرعي، وتفتح الباب أمام العلاقات المحرمة، فتضيع الفتيات بين الانحراف والانكسار، وتُسمى تلك “حرية شخصية”!
في حين أن الزواج الشرعي يُصان فيه العرض، ويُحفظ فيه النسب، وتُرعى فيه الأنثى بحق.
والنضج لا يُقاس بالعمر فقط، بل بالقدرة على تحمّل المسؤولية.
فقد تبلغ فتاة الخامسة عشرة وهي أقدر عقلًا من امرأة في الثلاثين.
والبيئات تختلف؛ فمن تربّت في الريف أو في بيئة مسؤولة تنضج أسرع ممن تربّت في الترف واللهو.

وهنا تظهر حكمة الإسلام حين لم يربط الزواج بعمرٍ محددٍ، بل بضوابط عامة تحفظ المصلحة وتمنع الضرر.

أما الغرب الذي يُجيز الزنا، والإجهاض، والعلاقات بلا زواج، ثم يعترض على الزواج الشرعي، فهو الذي يُجافي الفطرة والعدالة.
إن الإسلام لم يُنزل أحكامه من فراغ، بل من حكمة خالق البشر، الذي يعلم ما يصلحهم وما يفسدهم، قال تعالى:
«أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» [الملك: 14].
قال ابن باز رحمه الله: “من أنكر السنة فقد أنكر القرآن، ومن عصى الرسول فقد عصى القرآن، فهو كافر بإجماع أهل العلم.” (فتاوى نور على الدرب)

وقال ابن عثيمين رحمه الله: “زواج الصغيرة جائز بشروط، منها أن يكون في مصلحتها، ولا يجوز الدخول بها إلا إذا أطاقت.” (شرح رياض الصالحين)

وقال الشيخ حسام عفانة: “زواج الصغيرة جائز شرعًا، ولكن لا يجوز الدخول بها إلا إذا كانت تطيق ذلك، ويُشترط رضاها بعد البلوغ.” (فتاوى يسألونك، المجلد الثاني)

البعد التربوي والاجتماعي في الزواج المبكر:

إن الزواج في الإسلام ليس معناه مجرد الارتباط الجسدي، بل بناء بيتٍ مؤمنٍ متماسكٍ يقوم على المودة والمسؤولية.
وقد أشار بعض العلماء المعاصرين إلى أن الزواج المبكر إذا تمّ وفق الضوابط الشرعية يُسهم في تقليل الانحراف الأخلاقي، واستقرار المجتمع، وإعفاف الشباب، شرط أن يكون قائمًا على الوعي والرشد والتفاهم الأسري.

الزواج في الإسلام تشريعٌ ربانيٌّ رحيم، يجمع بين الطهر والعفاف والرعاية، ويمنع الانحراف والضياع.
البلوغ علامةٌ جسدية، والرشد شرطٌ عقليٌّ، والقدرة أساسٌ واقعيٌّ، والمقصد حفظ الكرامة لا استغلالها.

فمن نظر إلى التشريع بعين الإيمان علم أن الله ما شرع شيئًا إلا لحكمة، وما نهى عن شيء إلا لمفسدة.

قال تعالى:﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50].

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، واجعلنا من المتمسكين بشرعك إلى أن نلقاك غير مبدّلين ولا مغيرين.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة