مما فطرت عليه المرأة حب الدلال، ولا يقف الأمر بالنسبة للمرأة عند الحب القلبي، بل يتعداه إلى الأقوال والأفعال التي تستخرج بها المرأة الدلال من الرجل إذا لم يقم به هو ابتداءً.
وحب الدلال بالنسبة للمرأة نوع من الفخر الذي تفخر به على غيرها لأنه يدل على علو مكانتها وحظوتها عند زوجها.
من نماذج الدلال في السنة النبوية
ما وقع لعائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- مع النبي ﷺ فقد كانت كثيرة الدلال عليه، وكان يدللها.
- ومن الأمثلة على ذلك قيامه لها واصطباره عليها لتنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد.
قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّه عَنْهَا-: “رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهُو”. (رواه البخاري).
وقد استغلت عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- هذه الحادثة للدلال على النبي لو فاتخذت هيئة جميلة فيها دلال واضح؛ إذ وضعت خدها على خد النبي وهي تنظر؛ تقول عائشة في الرواية الأخرى: فأقامني وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ. وهذا من الدلال.
بل زادت في دلالها حتى أنها أطالت الوقوف ليُسمع بمكانها عنده.
تقول عَائِشَةُ -رضي الله عنها- في الرواية الأخرى عند الترمذي والنسائي في الكبرى فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ إِلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ”أَمَا شَبِعْتِ، أَمَا شَبِعْتِ؟”. قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا، لَأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ. وفي رواية أخرى عند النسائي في الكبرى: فقال رسول الله ﷺ: “حسبك ؟”. فقلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي، ثم قال: “حسبك ؟”. فقلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت وما لي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي، ومكاني منه”.
فكل هذا دلال منها عليه.
ومن ذلك أيضاً أنها كانت تقول للنبي ﷺ: أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيُّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: “فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا”. تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَتَزَوَّجُ بِكَرًا غَيْرَهَا. فكانت تدلل نفسها بذلك أنها البكر الوحيدة في حياة رسول الله ﷺ.