تتكرر علينا قصص متشابهة من فتيات يرغبنَ بارتداء النقاب، لكن الأهل يمنعوهنَّ؛ بحجة أنه لن يراها أحد، فيتقدم لها، ومن سيتقدم لفتاة لم يرَ شكلها؟ ويكون التحجُّج دائمًا: تزوجي، ثم ارتديه!
سبحان الله! الزواج رزق كباقي الأرزاق، يرزقه الله من يشاء من عباده برحمته وحكمته، وما عند الله لا يُنال بمعصيته. هل تعرض وجه ابنتك على هذا وذاك، الشاب والهرم، البار والفاجر، الصالح والطالح، لعل أحد منهم تعجبه فيفكر أن يتقدّم لها؟! لا أحسب إلا أن الغَيرة قد نُزغت من رأسك. وإلا فكيف فكرت بهذا أصلًا؟
ثم إن هذه الفتاة التي تستعد لأن تواجه مجتمعًا بأكمله لأجل القيام بأمر الله، والتأسي بأمهات المؤمنين، تأتي لتمنعها من ارتداء النقاب وتجرها مرغمة إلى أحضان الفتن!
فلتفهم أن الله -عز وجل- قد قسّم الأرزاق على العباد، ولو كتب لابنتك الزواج لأتاها رزقها لعقر دارها ورغم أنفك، بل لو اجتمعت الدنيا بأكملها على منع هذا الرزق فإن أمر الله ماضٍ لا تعجزه أي قدرة أو إرادة لمخلوق.
ثم إن من يتقدم لابنتك لأجل أنها عرضت مفاتنها عليه، ليس كمن يتقدّم لها لأنها غطت تلك المفاتن وحجبتها عنه وعن غيره بذاك النقاب. هؤلاء قد تمكن منهم حب الدنيا، لدرجة أصبحوا معها لا يبالون بما اكتسبوها بحلالٍ أم حرام!
فالمهم عندهم حيازة أرزاق الدنيا واستجلابها ولو بذهاب الدين!ما دمنا لم نفهم الغاية التي من أجلها وُجدنا هنا، لن يتغير حال الأُمّة، ولن يُصلح حال المسلمين، إننا نغرق في الشهوات، ونلهث خلف المناصب والمفاخر والمباهاة، ثم نسأل بكل جهل وغباء: لماذا يتأخر النصر؟ لماذا ما زلنا مستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها؟ لماذا تُستباح الدماء والأعراض؟
نتناسى أننا أول من يُحارب الأحكام والشريعة الإسلامية، نتناسى أننا أول من يقف بوجه الملتزمين ونكن لهم العداء، نتناسى أننا الخنجر المسموم الذي يطعن في خاصرة الأمة.