أخوات امرأة لوط: ولا تتبعوا خطوات الشيطان

|

من خطوات الشيطان ما يُعرف بـ “الأعمال الشاذة” قد يبدو هذا المصطلح غريبًا علىٰ مسامع مجتمعاتنا العربية والإسلامية، التي ما زالت -بفضل الله- محافظة إلىٰ حدٍّ كبير، لكنه -للأسف- بدأ يتسلل خفية إلىٰ أوساطنا، مستهدفًا الفتيات تحديدًا بين متابعات الأنمي والمانهوا.

ففي الآونة الأخيرة، ظهرت العديد من الأعمال الفنية، سواء أنمي أو مانجا أو مانهوا، أبطالها شواذ جنسيًا، يتم ترجمتها ونشرها علىٰ مواقع عربية؛ ليزداد انتشارها بين اليافعات. ولم تقف الأمور عند هذا الحد؛ فقد أنشأت بعض الفتيات مجموعات علىٰ وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتبادل التوصيات حول تلك الأعمال، والتغني بشخصياتها، بل وابتكار سيناريوهات جديدة، حتىٰ في الأنميات التي تخلو من الشذوذ؛ حيث يتخيلن فيها علاقات شاذة بين الشخصيات الذكورية!

قد يقول قائل: “أميتوا الباطل بالسكوت عنه.” ولكن، هل يمكننا تجاهل هذا الوباء المتفشي بين النساء الغافلات؟ ماذا عن الآباء والأمهات الذين لا يدركون ما يدور في عوالم بناتهم المظلمة؟ أليس واجبًا علينا أن نرفع أصواتنا؛ نحذر وننبه قبل أن تضرب هذه الظاهرة بجذورها في مجتمعات المسلمين؟!

خطوات الشيطان: كيف تبدأ الرحلة؟

هنا يبرز سؤال مهم: هل الفتاة، عند دخولها عالم الأنمي والمانهوا، تقفز مباشرة إلىٰ الأعمال الشاذة؟ أم أن الشيطان يستدرجها خطوة بخطوة؛ حتىٰ تصل إلىٰ نقطة اللاعودة؟ في مقال سابق بعنوان: “المانهوا والترويج للإباحية” تحدثنا عن انجذاب النساء إلىٰ الأعمال التي تحتوي علىٰ مشاهد خادشة للحياء، ومخالفة لتعاليم ديننا الإسلامي الذي يحثنا علىٰ غض البصر؛ حفظًا لقلوبنا. لكن، ما العلاقة بين الإباحية والشذوذ؟ وكيف تصبح الفتيات أُسارىٰ خطوات الشيطان؟

للإجابة، يكفي أن ننظر إلىٰ المجتمع الغربي اليوم؛ حيث بدأت الأمور بالعلاقات المحرمة، والزنا المتاح دون قيد أو رقيب، حتىٰ أصيب الناس بالملل؛ فساقهم الشيطان إلىٰ الشذوذ الجنسي؛ ليصبح أمرًا مباحًا ومبرَّرًا، بل ويُروَّج له كحقٍّ من حقوق الإنسان! إن كثرة التعرض للمشاهد الخادشة للحياء تقتل الفطرة السوية تدريجيًا، وتدفع المرء إلىٰ البحث عن الممنوع والجديد، حتىٰ لو كان منحرفًا عن أي قيمة أو أخلاق.

بل إن بعض الأنميات وصلت إلىٰ حد تقديم قصص حول زنا المحارم، والعياذ بالله. وهنا نتساءل: إلىٰ أي درك يمكن أن يهبط صُنَّاع المحتوىٰ؟ وإلىٰ أي وادٍ مظلم قد يقودك الشيطان يا فتاة الإسلام؟!

الأثر المدمر لهذه الأوهام

لقد أثرت مشاهدة هذه الأوهام علىٰ معايير النساء، ونظرتهن إلىٰ الرجال، كما أوقعت الرجال في فخ افتتانهم بنساء الأنمي. (يراجع مقال: المرأة في الأنمي). صوروا الجمال في قوالب متطرفة، لا تمت للواقع بصلة، وحتىٰ إن وُجدت؛ فهي انعكاس لصفات الكفار والشواذ.

وقع كثيرون في حب هذه الصور الوهمية، وأصبحوا يتمنونها ويشتهونها؛ مما أدىٰ إلىٰ تشوه معايير الجمال والفطرة. صار الرجل المنشود في أعينهن هو “الذكر الكيوت”: ناعم الشخصية، أملس الوجه، رقيق التصرفات، ولكنه -للمفارقة- صاحب عضلات مفتولة، وقد لا يتردد في وضع المكياج، كما نرى هوس البعض براقصي الكيبوب!

خطوات الشيطان، واستغلال هوىٰ النفس

يتبع الشيطان خطوات محددة للإيقاع بالفتيات في شراك هذا الوهم:

  • ١- تقوية الشهوة الطبيعية تجاه الرجال: تُخدَع الفتاة بتبرير الشذوذ كأنه “آمن”؛ لأنه لا يتعلق بها مباشرة؛ فتظن أن جريمة اللواط محصورة بالرجال فقط، وتعتبر نفسها خارج دائرة الإثم لمجرد المشاهدة.
  • ٢- التلاعب بالميل الطبيعي:تقنع نفسها بأن ما تشعر به طبيعي؛ لأنها فتاة، وأن إثارتها تجاه تلك الشخصيات أمر مقبول، خاصةً أنها “مجرد رسوم”!

(رسالة إلىٰ من انزلقت في هذا الطريق)

أوجه رسالتي لكل فتاة وقعت في هذا الفخ: تصوري نفسكِ في زمن سيدنا لوط عليه السلام، وتحديدًا في قرية سدوم، لو كنتِ بمشاعركِ الحالية تجاه أعمال الشذوذ؛ فهل كنتِ ممن آمن برسالته وخرج معه عند أمر الله بالخروج؟ أم كنتِ ممن ظل قلبها متعلقًا بأهل القرية الفاسدة؟

وهذه الرسالة ليست لمن أصرت علىٰ معصيتها، واستكبرت، وأضلّت أخواتها المسلمات ولم تفكر بالتوبة -نسأل الله أن يهديها-. مقالنا لمن ضعفت أمام هذا الذنب واتبعت خطوات الشيطان وهي تلوم نفسها وتبحث عن سبيل للخروج من هذا المستنقع.

  • بداية اعلمي يا أخيّة أن هذا ذنب، رغم بشاعته، إلا أنه مثل باقي الذنوب له توبة احذري أن يجعلك الشيطان تيأسين من رحمة الله؛ فهذا مدخل كثيرا ما يدخله الشيطان لجعلك تكملين في ارتكاب الذنوب وظلم نفسك.
 قال الله تعالى: ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ ﴾ [الزمر: ٥٣].

وقال رسول الله ﷺ: “التائب من الذنبِ كمن لا ذنبَ لهُ”. صحيح ابن ماجه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “والتائب حبيب الله سواء كان شاباً أو شيخاً.”

فلم القنوط واليأس يا أخية؟ وأبواب التوبة لا تغلق حتى تخرج روحك من جسدك! فسارعي في التوبة واغسلي الماضي بركعتين وابدئي بداية جديدة، وإياك أن تنسي أننا بشر لا حول لنا ولا قوة إلا بالله؛ فاستعيني بالله واسأليه أن يثبتك.

  • ثانيًا: لا تيأسي من نفسك؛ فإن تبت ووقعت مرة أخرىٰ عودي وتوبي، حتىٰ ولو وقعت ألف مرة، مليون مرة لا تملي، ولا تقولي: لا فائدة مني؛ بل توبي بسرعة، ومع ذلك احذري أن تقعي بالذنب وأنت تخططين للتوبة لاحقًا فلا تعلمين متىٰ يمكن أن يقبض الله روحك. وحتىٰ وإن وقعت فإياكِ أن تجاهري بالمعصية، أو تنصحي أخواتك بهذه الأعمال! بل كوني حيية من الله.
  • ثالثًا: أحيطي نفسك ببيئة صالحة، إن لم تكن علىٰ الواقع ففي المواقع، واشغلي نفسك بالأعمال بحيث لا تأتي ساعة نومك إلا وأنت مرهقة، فلا يكون عندك فراغ يعيدك لفضول المشاهدة. وإن استطعت في الفترة الأولىٰ أن تتخلي عن الهاتف تمامًا فهذا أفضل، وإن لم تستطيعي فيمكنك إعطاء هاتفك لفرد من أفراد العائلة تثقين به أو لصديقة مقربة لفترات معينة وتستخدمينه عند الحاجة فقط.
  • رابعًا: قد ذكرنا سابقًا نصائح تعين على ترك الأنمي يرجىٰ مراجعتها ومراجعة سلسلة: (لدينا البديل فهل لدينك ثمنه؟).
  • خامسًا: لا تخجلي من استشارة أهل العلم والتقوىٰ وطلب النصيحة منهم.

وأخيرا امرأة لوط، لم ترتكب الفواحش، لكنها ركنت إلىٰ قومها ورَضيت بفعلهم؛ فكانت عاقبتها الهلاك معهم؛ فالرضا بالكفر كفر! فاعلمي أن حبكِ لعالم الشذوذ وتعلقكِ به، يقربكِ خطوة من مصيرها. ألا يستحق الأمر وقفة مع نفسك؟ لماذا تخسرين دنياكِ وآخرتكِ؟ عودي إلىٰ ربكِ تائبة، واحفظي قلبكِ وعرضكِ عن هذا العالم الوهمي المظلم. واعلمي أن من ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة