إن من سنة الله في خلقه: أنه كلما ابتعدت القرون عن زمن رسالتها الأوَّل؛ ظهر فيها الفساد والانحرافات الكثيرة. ومما ابتليت به الأمة في هذا الزمان -كغيرها من الأمم السالفة-: علماء السوء ودعاة الضلال الذين باعوا دينهم بدنياهم! وآثروا عَرَض الدنيا القليل بفتواهم، والقول على الله بهتانًا وزورًا.
ومَن قرأ التاريخ، سيلحظ وجود هذه الوجوه بين الناس في كل زمان ومكان، فالدنيا لها رجالها وأهلها الذين يظهر حبهم لها ومتابعتهم هواهم في لحن قولهم قبل صريحه.
والله سبحانه يقول:﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔایَـٰتِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [الأنعام ٢١].
إن المسلم فَطِنٌ ذكي لا تغريه في هذا الزمان عِمامة تُلفُّ على الرؤوس، ليصبح بها أحدهم عالمًا وهو من أجهل الناس!
إن المسلم مُتبِّعٌ للدليل من الكتاب والسنة والسلف الصالح، ولو خالفهما علماء عصره وقالو بغير ما عُرف من الحق.
فالله قد جعل العقول؛ لتُدرَك بها المسائل، وميَّز الله هذه الأمة؛ باتباعها الحق وقبوله حتى لو جاء من أعدائها، وإلا لكُنّا كاليهود والنصارى سواء، الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا يُحرِّمون لهم ويُحللون، الذين حرفوا الكلِم عن مواضعه، وما وافق هواهم اتبعوه، وما خالفه غيروه وبدلوه، أو أوّلوه كما يفعل كثير من الناس اليوم.
لذا؛ فتتبُّع دعاة الضلال وعلماء السوء وفتواهم وتحايلهم على شرع الله وتطبيقه بلا تَقَصٍ أو طلبٍ للحق: هذا مما لا يُعذر فيه الكثير، خاصةً مع سهولة الوصول للنبع الصافي من شرع الله في هذا الزمان.
واعلم أن كثيرًا من الناس مَن يبيع دينه بدنياه، وهناك أيضًا مَن يبيعه بدنيا غيره والعياذ بالله!
فاتبع الدليل الحق، ودع عنك دعاة الضلال؛ تنجو برحمة الله من فتن الزمان، فكلّهم واردٌ على الله وكُلّهم آتيه يوم القيامة فردًا!