الذكر، كلمة تحيي الروح

الذكر في الإسلام كلمة تحي الروح وتعمرها. وذكر الله سبحانه عام، يشمل: فعل الأوامر، واجتناب النواهي، ويشمل التسبيح والتهليل والتحميد جهراً وسراً، وقراءة القرآن ونحو ذلك مما شرعه الله من الأقوال والأفعال.

أهمية الذكر

للذكر أهمية كبرى يجهلها العابد السائر دائماً يصب كل تركيزه على الصلاة والصيام وقراءة القرآن وغير ذلك من العبادات.

الذكر يُحي القلوب ويجعلها في اتصالٍ دائم بالله، فهي نور في القلب والقبر، ونور له في طريقه، وأنس له في غربته تزيل همه وغمه، وترى الذاكر دائم الاتصال بالله، تكسوه المهابة والحلاوة، تجد بصيرة في قلبه وقوة في بدنه.

ومن أراد الأنس بالله فعليه بالثلاث: “فالأنس بالله حالة وجدانية تقوى بثلاثة أشياء: دوام الذكر، وصدق المحبة، وإحسان العمل”.

فمن ذاق اللذة لهج لسانه بالذكر وكان من أهل السبق، وأوقاتنا كثيرة والفطنُ الذكي من يجدّ ويجتهد فيها بالذكر ويعمر وقته بذكر الله، الفطن من يستغلها كأجور تثقل ميزانه وترفع درجاته.

أنواع الذكر

الذكر أنواع، ذكرٌ باللسان ويدخل فيه أنواع الذكر المختلفة وقراءة القرآن، وذكرٌ بالقلب، بأن يكون القلب دائم التفكر الله، دائماً يشتاق للقاء الله، يكون القلب مليء بالخشوع والحب والتذلل والخوف، يسير العبد بين الناس بجسده وقلبه محلق في السماء يتذكر الله ويسبح ويحمد ويهلل بقلبه دائماً، قلبه حي مُزهرٌ منيرٌ مطمئناً {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

فضائل الذكر وآثرها على النفس والقلب

قال ابن القيم رحمه الله: (الذكر ينير القلب ويطهره من الأدران)، وقال ابن تيمية رحمه الله: (الذكر يوجب انشراح الصدر وطمأنينة النفس).

فلتشرع في الذكر باستحضارٍ ومداومة، وسترى انعكاس ذلك في أخلاقك وفي طمأنينة قلبك وفي تهذيب نفسك، وسيرى الناس فيك مهابة وحلاوة ووجهاً وضاحاً وثغراً باسماً.

كيف كان حال النبي و الصحابة مع الذكر؟

هلمَ بنا نتأمل مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، سنجد كيف كان النبي دائم الذكر وكيف كانوا يقتدون به.

عَنِ ابْنِ عُمر رضِي اللَّه عَنْهُما قَال: (كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ في المجلِس الْواحِدِ مائَةَ مرَّةٍ: ربِّ اغْفِرْ لِي، وتُبْ عليَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ).

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة).

وها هو أبو هريرة رضي الله عنه، واشتهر بكثرة ذكره لله، وكان يقول: (إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)، وكان يُسبّح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة.

وذاك سعيد بن جبير رحمه الله، كان إذا جلس لا يُرى إلا مُسبّحاً، وإذا دخل السوق لم يُخالط الناس إلا وهو يذكر الله.

ما هي موانع الذكر؟ 

لماذا لم تسأل نفسك لما منعت من الذكر؟ إذا تأملت قلبك للحظة وجدته مظلماً من كل جهة، أصابك الران وأصابتك القسوة، أصبح قلبك لا ينشغل إلا بالدنيا، حُرِمت لذة الذكر والعبادة وحرمت إجابة الدعاء بغفلتك وذنوبك يا مسكين.

ولكن لكل داءٍ دواء، فأقبل إلى الله منيباً تائباً مخبتاً وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخصص لك ورداً من الذكر بتفكرٍ وتأملٍ يزول الرانُ شيئاً فشيئاً، وصب كل تركيزك على قلبك كيف أصبح وكيف أمسى وبماذا تعلق. أصلح قلبك تفلح.

كيف نحيي قلوبنا بالذكر؟

اعلم رحمك الله أن الحلاوة تتفقدها في ثلاث، قال الحسن البصري رحمه الله: (تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وفي تلاوة القرآن، فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق)، وهذه الحلاوة تأتي بعد طول محاولات وتأملات ودعوات.

ولتحيي قلبك بالذكر لا بد لك من الاستمرار والمداومة والإكثار من سماع القرآن وقراءته وتدبره ولو آية، وأكثر من الاستغفار، فلو غفر لك؛ فتحت لك الأبواب ونزلت عليك الرحمات. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ما شيءٌ أَحَبُّ إلى الشيطان من أن يرى العبد ساهيًا، لا في ذكر الله ولا في صلاة).

اذكر ربك في كل وقت قياماً وقعوداً، في سكناتك وحركاتك كن دائماً متصلاً بالله تنجو. عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله).

من قبلنا من ذاقوا اللذة وعرفوا عظيم الأجور كانوا في سبقٍ دائمٍ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “سبق المفردون”، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: “الذاكرون الله كثيراً، والذاكرات” رواه مسلم.

فالبدار البدار لنكون من أهل السبق والتفرد.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة