
خواطر سائرة إلى الله
تاريخ الصدور:
عدد الصفحات: 100
رحلة الإنسان إلى ربه هي رحلة العمر؛ إذ لا غنى لأحد عنها، ولا بد لكل أحد من هذا السير المبارك في طريق العبودية لله رب العالمين؛ حتى ينال سعادة الدارين ويفوز بالنعيم المقيم.
و لَمّا كان ما نراه اليوم من مظاهر خبيثة جرّتها علينا المدنية الحديثة؛ حين أساء الناس التعامل مع التطور الحاصل في كل المجالات، وأهم هذه الظواهر واسوئها الغفلة عن الله، وانقطاع القلوب عن سيرها، والأرواح عن غذائها، كان هذا الكتاب كجهد مقلّ، يضم تجارب شخصية في هذا الطريق، وأغلبها في مرحلة الطفولة.
وإنها والله تجارب عزيزة، بقيت حبيسة القلب لسنوات، ثم ها أنذا اليوم أسردها بقلم أكثر وعيا، وفهما لمجرياتها، وأقدر على استخلاص دروسها، واستنتاج معانيها؛ من أجل أن تكون ولو ومضات بسيطة تنير طريق السائرين، أو على الأقل تحرّك فيهم الأشجان، وتبث فيهم ألم الندم على البعاد، والشوق إلى الراحة التي افتقدتها الأرواح، في زمن لا يعترف إلا بالمادة والأشكال والمجسمات.
ولقد أحببت لفت النظر في هذه المقدمة البسيطة إلى نقطة أراها مهمة جدا؛ حتى لا تُساء الظنون، ولا تفهم الأمور بغير مقاصدها.
فالقارئ حين يجول بفكره بين سطور هذا الكتاب؛ سيجد شرحا للمواقف والأحداث بتفاصيلها، من حيث المشاعر التي من المفروض أن تكون خبيئة بين العبد وربه؛ تجنبا لسطوة الشيطان وغلبة الرياء، ولكن الأمر هنا أراه مختلفا تماما.
فالمقام مقام تعلم من تجارب الحياة. ولعل التجارب أوثق من علّم وأصدق من قال. ثم إن أغلب هذه التجارب كانت قبل قرابة ثلاثة عقود ولّت، ذقنا فيها نعيم المعاني والقرب، خلال تلك الحياة البسيطة الطفولية، ثم غابت عنا وأصابنا من الغفلة ما أصاب غيرنا؛ فصرنا في شوق وحنين لها، نستذكرها ونستحضرها كلما أحسسنا بغربة الدين في هذا الزمن الصعب.
وإننا والله أحوج اليوم إلى هذه المعاني من أي أحد.
ختاما أسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا هذا العمل، وأن يجعله حجة لنا لا علينا، وأن يغفر لنا أي تقصير في الوصف على غير حقيقته، من زيادة أو نقصان، وهو أمر وارد؛ فكثير من التفاصيل تشوش حضورها في ذاكرتنا، فحاولنا تصورها في سياق المعالم العريضة للحدث، والتي ما زالت براقة متقدة تتربع على عرش الذاكرة.
ومسك ما أختم به:
طوبى لمن سهرت بالليل عيناه | وبات في قلق من حب مولاه | |
وقام يرعى نجوم الليل منفردا | شوقا إليه وعين الله ترعاه | |
أم جليل مهني
شارك هذا العدد: