سلسلة تصحيح مفاهيم:زوجة أم خادمة؟

سلسلة تصحيح مفاهيم:زوجة أم خادمة؟

لقد جُعِلَ في الزواج سكنٌ وطمأنينة لكلا الزوجين، قال تعالى:

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}. 

ولتنشأ هذه المودة والرحمة ويعم السكن والطمأنينة؛ جعل الله لكلٍّ منهما حقوق، وأوجب عليه واجبات، عليه أدائها والالتزام فيها؛ ليتحقِّق السكن بينهما، وتعلو الألفة والمحبة، وليبقى الوِد كاسياً حياتهم.

قال تعالى:

 {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. 

يقول ابن كثير: أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف.

فمما أعيا الأسر المسلمة وفكَّكها بلا أدنى شك، تلك الأفكار المسمومة التي تغلغلت في مجتمعنا الإسلامي، ألا وهي تفشي ظاهرة وقِيَم نِسوية تُقارن ما بين كونها زوجة منسلخة من مبادئ الأنوثة، وبين أن تقضي يومها في خدمتها لزوجها وأهل بيتها، وفسرت بعقلها الناقص على أنها (مجرد خادمة)، وهذا انتقاص ومهانة في حقها، كما تدعي. رفعن شعار: (هل أنا زوجة أم خادمة؟) وعلت أصواتهن بهذا الهراء، الذي يجب على أصغر بناتنا أن تعي بأن خدمة الأهل والزوج شرف ووسام يوضع على جبين المرأة المسلمة. 

فبما أننا مسلمات، نؤمن بالله ورسوله، فقدوتنا في ذلك زوجات النبي (أمهات المؤمنين) ونساء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولا دخل لنا بتلك الشعارات السخيفة، التي تحض على الكراهية بين الزوجين، وتدل على الانسلاخ من الفِطرة، وانتكاسها، ومحاربة العُرف والدين والفِطرة! إنما لو تطلعنا لحياة الصحابيات؛ لرأيناهن يتباهين بخدمة أزواجهن، وشرف للمرأة أن تخدم زوجها وأبناءها. وهذا لا يعني أن الرجل يُهمل بيت الزوجية لا يشارك أهل بيته، بل ينبغي للرجل أن يساعد ويعاون ويلاطف ويهتم بأهله، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”.

والتناقض العجيب أن هذه التصورات الزائفة لا تريد للمرأة أن تعمل في بيتها؛ لكن يُراد منها أن تعمل في الخارج لتُبصر الحياة والمساواة.

ونحب أن نذكر أن إحدى الناشطات من هذه التيارات (النسوية) زارت البلدان العربية والإسلامية؛ فشاهدت المرأة المسلمة في بيتها، معززة مكرمة، غير مطالبة بالكدح، والخروج الدائم من البيت بحثاً عن العمل، لتسدَّ نصف مصاريف المسكن، والمأكل وغيرها من التكاليف، كما عندها في قضية المساواة (فعليها مثل ما على الرجل من عمل، وهي كذلك يجب عليها إلزاماً دفع ثمن مشتريات المنزل)، فقد أبصرت أن المرأة المسلمة ليست ملزمة بتاتا، بتحمل أعباء التوظيف، والخضوع لأوامر المدير، وإرضائه بشتى الوسائل لئلا تخسر وظيفتها، فالمرأة المسلمة، سمعت قول الله فأطاعت:

{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}.

فالرجال مطالبون بدفع المهور وتحمل أعباء العمل والتكاليف، وحدهم دون النساء؛ لأن قوامتهم تقتضي التكليف الكامل، من حيث العمل والانفاق وغيره مما وجب عليهم دون إفراط أو تفريط.

فقالت الناشطة منبهرة: (والله إنها لملكة، وجدت المرأة جالسة في البيت يخدمها الأب، والابن، والزوج، يأتيها الزوج آخر اليوم في قلبه الحب وفي يده الخبز وعليه العرق والتعب، وهي جالسة أميرة مخدومة). قالت: (والله إنها لملكة)، ثم اعترفت فقالت: (لكن نحن المغفلات طالبنا بالمساواة بالرجل فقبل الرجل الغربي الفكرة، فساويناه في العمل والتعب والكدح، ولم يساوينا أو يشاركنا في الحمل والوضع والإرضاع). تقول: (حقاً نحن مغفلات).

ولتعلم المرأة أن خدمتها وطاعتها لزوجها (بغير معصية) وحسن معاشرتها له، سبب لدخولها الجنة. قال صلى الله عليه وسلم: “إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها”. هذا حديث مشهور ومُتناقل بين الناس، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.

فلتكن قدوتك نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد اقتصرت أعمالهن على خدمة النبي عليه السلام في بيته، والقيام بواجب الضيافة إذا حل به أضياف.

وعلى كل أم مسلمة أن تربي بناتها على حب طاعة الزوج، وردع كل من تحاول إدخال سموم الفكر النسوي لمجتمعنا، وألا تلتفت لتلك الأفكار الخبيثة مهما علا صداها، وكثُر متبنيها؛ فالحق أحق أن يُعلى ويُتبع، والباطل أحقّ أن يُخفض ويُنتزع.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة