قصة هداية: تزوجت ولكن!

|

قصة هداية تزوجت ولكن

تقول إحداهن، لطالما دعوت الله بأن يرزقني بالزوج الصالح، بالذرية الصالحة، بالسكن والراحة، بالطمأنينة والمودة الفواحة، بالحب الصادق، والحلال الطيب، والأنس بذو غيرة وشهامة، نتشارك سوياً بالأفراح والأتراح، والآلام والآمال، ونكافح تلك الهموم والغموم، ونكوّن أسرة رباها، ويربيها الإسلام.

قالت: جاءني خاطب، فسألت عن دينه وخلقه، واستخرت الله، واستشرت عباده، حتى اطمأن قلبي به، ثم عُقد بيننا عقداً شرعياً على سنة الله ورسوله، وبعد مدة من الزمن جاء موعد الزفاف، ها قد تزوجنا وها أنا حلاله.

دخلنا دارنا وسُعدت به، وسكن إلي، لقد غمرتنا الفرحة والسرور. ولكن؛ أنقف هنا؟ أهذا يكفي؟ بل لا بد للانتباه قبل فوات الأوان، أحقاً هو صاحب دين؟

بعد أيام قليلة رأيته ينصت للأغاني ويأنس بها. عندما ينادي المنادي: حي على الصلاة؛ لا يلبي النداء إلا قليلاً، كان متوانياً في ذلك. لقد اهتز فؤادي عندما وقف بالباب آنذاك، وقال لي أنا ذاهب لحلقِ لحيتي! لقد التمست منه تجاوز وتقصير في جنب الله! بكيت حتى مل البكاء مني؛ وهل تجدي الدموع نفعاً؟
فكرت ملياً، يا الله، ماذا أفعل؟ ولكني تزوجت وهذا قدري، ولا مفر من الهروب أو التراجع، والانسحاب.

استعنت بالله وبدأت أدعوه لإصلاح نفسه. لا أخفي، كانت البداية صعبة جداً، والطريق شاق. كيف لا، وهذا طريق الأنبياء (الدعوة إلى الله) الذي بذلوا الغالي والنفيس من أجله؟
وللعلم الدعوة ليست مخصصة بالأنبياء والمرسلين، وليست وظيفة خاصة بالدعاة فقط! فكل مسلم مطالب بأن يدعو لدين الله لمن دونه في العلم، خاصة في أداء الواجبات كالصلاة والصيام وغيرها. يدعو برفق ولين، بإخلاص ويقين وصبر؛ لكن في الأمور التي يعلمها، ولا يحل له، ولا يجوز أن يخوض فيما لا يعلم، أو يتصدر بما لا يفقه.

في كل يوم أدعوه ويعاندني، أذكره ويشاجرني، أكلمه فلا ينصتني. تألمت كثيراً، والتزمت سبيل الدعاة، راجية من الله التوفيق والسداد، والثبات والصبر عليه.

لن أستسلم، سأستمر حتى يكون لي بصمة في حياته، أنصحه برفق ولين، أشاجره وأحزن لما هو عليه، أعود وأستعيد قوتي من جديد.
لقد بدأ يتحسن شيئاً فشيئاً، لقد وعدني بحذف الأغاني الماجنة، وأقنعته أن الرجال أمروا بإعفاء اللحى، كما أمرنا كمسلمين بأداء الصلوات الخمس، بدأ نور الهداية يشع في وجهه، أدعوه ترغيباً وترهيباً.

استيقظت في إحدى الليالي الباردة، فلم أره! فالتفت فرأيته ساجداً لله يسأله شهادة في سبيله. لن أنسى هذا المشهد، وكأني أراه الآن عياناً!

ذهب لصد العدو مع رفاقه، يوم أن اجتاحوا أرضنا؛ فلم يعد إلي إلا شهيداً جميلاً. لقد سأل الله الشهادة؛ فنال ما تمنى، بعد أن هداه الله على يدي، وكانت أمنيتي أن أزرع في قلبه حب الله وطاعته، فنلنا كلانا ما تمنينا.

وبقي الحزن والذكرى تعصف القلوب؛ لكن عزاؤنا أنها دنيا، وكل من عليها فان، ويبقى رجاؤنا بأن نرزق بحسن الخاتمة.

خلاصة القول: لا تستسلمي لو ابتلاكِ الله بزوج عاصي، لا تحبطي نفسك وتجريها لظلمة المعاصي؛ بل استعيني بالله وانهضي وقومي لله داعية، واستشعري قوله صلى الله عليه وسلم: “فواللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم” متفقٌ عليهِ.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة