تصحيح مفاهيم: النقاب حياء؛ وليس صك غفران!

|

إن المنكر لا يغير بمنكر مثله، ولا يزال الشر بالشر. كما أن فك السحر بالسحر لا يغفره، ولا يغير من حكمه. وكذلك لا يجوز التطهر بماء غير مطهر، وهذا من الجهل والوباء الذي أصاب مجتمعنا بمقتل!

إن من المخزي والمعيب إقناع المجتمع بأن لباس المرأة الشرعي لا يمنعها من الحياة الطبيعية، أو الاندماج مع المجتمع، والظهور بالسوشال ميديا بكل حدث وتصوير اليوميات، فلها أن تعيش كمثيلاتها من المشهورات، واللاعبات والممثلات و….؛ فظهرت لنا نساء متدثرات باللباس الشرعي، ويتمايلن ويتراقصن ربما على أنغام الموسيقى بحجة أننا نعيش حياة طبيعية؛ فالنقاب ليس عائقاً!

لا، بل الأعظم من هذا؛ تخرج لنا مع زوجها بصفحة فيها آلاف المتابعين، وتعطينا دروس في التعامل مع هذا اللباس: كيف نأكل، كيف نلعب، كيف نشرب، وكيف نخرج للتنزه، وترينا ميوعتها مع زوجها، ويتراقصن بالزي الشرعي، وربما تسمعنا تلاوتها، وإنشادها بصوتها العذب، ويلاطفها زوجها، وتلاطفه، ويضمها وتضمه أمام الشاشات، وربما….
ثم تحمد الله بكل مقطع على أن رزقت بزوج تقي غيور، ويحمد الله هو أيضاً بأن رزق بزوجة صالحة تقية حيية فرفوشة!

يعجز اللسان عن الكلام، ويتفطر الفؤاد ألماً مما وصل إليه مجتمعنا من الانتكاس، وقلب المفاهيم، وتزيين الباطل، وتشويه الدين؛ بل وتميييعه.

من قال لكم هذا الهراء، ومن سمح لكِ بإصدار مثل هذه الفتاوى؟ ما الذي جرأ المسلمات على نسف فطرة الحياء من قلوبهن بهذه الطريقة، بحجة إقناع الفتيات باللباس الساتر؟ نعم، النقاب ليس عائقاً للحياة؛ ولكنه لا يبيح لكِ المعاصي، الحلال بين، والحرام بين؛ فمتى أصبح الرقص والميوعة حِل أمام القريب والبعيد؟ ومتى استبحتِ المعازف والإنشاد، وعرض فلم حياتك الخاصة؟

أيا أخية، إنما جعل النقاب ستراً يضاف للحياء؛ فيزيد المرأة حياء فوق حيائها. إنما اللباس الساتر هو مزيد من الحياء، وليس صك غفران يبيح لكِ ممارسة الأفاعيل أمام الملأ؛ إذاً ما فرقك عن النساء غير المتحجبات إذا سلكنا نفس النهج، وسرنا في نفس الطريق؛ لكن أبدلنا التبرج بالحجاب ليزال عنا العتب؟

وبدل أن نحث النساء للباس المحتشم الذي يجسد هويتهم الدينية، وندعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة؛ شوهنا صورة النقاب وجرأنا الكثيرات على ذلك! وهذا ليس باب دعوة؛ بل هو استهزاء بالدين وأهله، وباب شر وذنوب جارية، بالإضافة إلى تشويه الستر والحياء.

وهذا تمييع للدين والفطرة؛ بل وإظهار الملتزمين على أنهم متشددين، ومنفصلين عن واقع المجتمع المتأسلم، ومتخلفين عن الإسلام الحديث الذي ميعوه، وجعلوه إسلاماً جديداً؛ فيُتهم العلماء والطلبة والغيورين على أنهم مكتئبين، وحياتهم بائسة حزينة، وينظر إليهم نظرة إشفاق على هذه الحياة المتعبة البائسة الممقوتة، التي تعيقهم من الانخراط واللحاق بركب تحديث الدين حسب الهوى والموضة!

فحريٌّ بنا أن نذكر هؤلاء، بقصة موسى عليه السلام والفتاتين، عندما سقى لهما ثم تولى إلى الظل، هذه هي الغيرة وتلك الرجولة التي تنتمي إلى الإسلام.

{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}، قيل: مستترة بكمّ درعها, أو بكمّ قميصها.

هذا الحياء، وهذه الفطرة التي ننتمي إليها كمسلمات، وكان هذا قبل أن يفرض الحجاب.

عن أم سلمة قالت: لما نزلت {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية، وصححه الألباني.

فما بالنا اليوم، وعندنا لباس ساتر وافر؛ ولكن لو جعل  له لسان؛ لقال دعوني فإني بريء من أقوالكم وأفعالكم؟

لله در المسلمات الأبيات، صاحبات اللباس الساتر والحياء، اللاتي لا يرمين حبهن أمام أعين المارة عرضة للحسد. لله در العفيفات اللاتي لا يقصمن ظهورنا بالتمايل ولفت الانتباه لكمية الأنوثة، والتبذير باللطافة الفائقة أمام الجميع، بلا أدنى حياء.

لله نشكو هذا الحال، وبه نستعين على الإصلاح، ونسأله أن يعيد مجد أمتنا، وأن يرينا الحق حقاً، والباطل باطلاً، ويرزقنا اتباع الحق ونصرة أهله، ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة