حدثتْ عدة مواقف من ابنة أختي -التي لم تُكمل أربعة أعوام- جعلتني أشعر بأنّ هناك أمل لتكون مسلمة غالية، واعية، ذاتَ هدفٍ نبيل في الحياة، ونبّهتني إلى أنّ الأطفال يملكون فطرةً وشغفاً، يجب أن نوجّههم أحسن توجيه لتنمو بذرتهم الطيبة.
عندما كنتُ أصلّي وأقول صيغة التشهد “السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين”، وكانت تلعب بالقرب مني، لاحظتُ أنها تُردّد كلمة “الصالحين” ثم قالت لوالدتها: “ماما هي تقرأ أية سورة؟”. وفي مرّةٍ أخرى كنتُ أقرأ القرآن مع معلمتي على الإنترنت… فوجدتها تقتربُ مني ناظرةً إلى المصحف تقول باهتمام: “أنا عايزة أقرأ قرآن” (وهي ما زالت صغيرة لا تقدر على القراءة والكتابة). لا أستطيع أن أصفَ شعوري عندما أراها تهتم بالقرآن بهذه الطريقة… إنّ أختي الحبيبة تُحفّظها القرآن منذ زمن، هي وأختي الأخرى زرعنَ فيها حب القرآن.
الموقف الثالث الذي حدث منذ يومين عندما كنتُ أذاكر كتاب يخص دراستي، وجدتها تقترب مني، وقالت: “أنا عايزة لما أكبر أذاكر زيك”. بصراحة.. إنني أستبشر حينَ أرى الصغيرة تتفقّد مواطن الهمة، وتبحث عن الخير. إنها ذكية وطيبة، تُحبّ أن تفعل الأمور الحسنة بفطرة نقية. أسأل الله أن يجعلها من المسلمات، الصالحات، العابدات.
للأسف، على الجانبِ الآخر، هناك أُناس يتركون أولادهم للشارع، والتلفاز، والإنترنت ليربّوهم، ولا يشعرون بمدى خطورة ترك الأطفال في بيئاتٍ غير آمنة… لا يدركون أنهم بذلك يُساعدون أطفالهم على الفساد واكتساب السلوكيات الخاطئة، التي بدورها ستؤثر على حياتهم بشكلٍ جذري فيعيشوا أيامهم وحياتهم بطرقٍ لا قيمةَ لها! وتذكّروا أنّ الأطفال بذرة طيبة في أصلِها، لكن النبتة تتشكل بحسب طبيعة التربة المزروعة فيها: الطقس، والماء الذي يرويها. هذه النبتة الطيبة النقية تحتاج منك الرعاية الحسنة، وصدق العزيمة بأن تربيها وترعاها لتكون عامِل مؤثر في المجتمع.
تَفَكّر بأنّ قيمة الإنسان في إسلامه، فإذا تربى طفلك بعيداً عن قواعد الدين، وتركته لعناصر فاسدة تُربّيه… هل تظن أنك غير مسؤول أمام الله، ولن يُحاسبك الله عنه؟ خطأ! قال رسولنا الكريم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيّته”. وتذكَّروا مدى روعة أنكم خُلِقتُم على الدين الصحيح الوحيد في هذا الكون، فلا تنسوا النعمة واشكروا الله عليها بِأن ترووا نبتتكم الطيبة -أطفالكم- بأفضل ما تقدرون عليه… واعلموا أن وقتكم الذي تقضونه مع أولادكم في زرع الخير بداخلهم، سيكون في ميزان حسناتكم، وربما يكون سبب دخولك الجنة حركة فعلتها أو معلومة زرعتها في ابنك ونسيتها.. لكنّ الله لا ينسى.










