إن كان للنفس حقٌّ، وللقلب هذه المضغة المكبَّلة وراء الأضلاع حقٌّ أيضًا. سُمِّيَ القلب؛ لأنه متقلِّب، ولا يُؤتَمَن دقيقةً واحدة. فإن صلح، صلح الجسد كله، وإن فسد، فسد الجسد كله.
قال الله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾[آل عمران: 8].
وكان من دعاء نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم-: «يا مقلب القلوب، ثبّت قلبي على دينك»، وغيرها من الأدعية والآيات التي ورد فيها تقلب القلب بصاحبه.
فيا غالية، مهمتكِ أن تصوني قلبكِ عمّا لا يليق به. أنتِ حارسة هذه الجوهرة. ومن حقّ قلبك عليكِ أن ينبض في طاعة الله، دون أي تشويه لما خُلق له. ومن واجبكِ أن تحميه عن العلاقات المحرَّمة، فلن تنالي من خلالها إلا الخطايا، وقسوة القلب تجاه كل صالحة، وهو ما لا تريدينه. والمخرج من هذا كله: ترك هذه العلاقات المحرَّمة لوجه الله تعالى، خالق القلب، ثم التوبة النصوح التي تمحو ما قبلها. وثقي أن حياتكِ لن تتغيّر بترككِ هذه العلاقات إلا إلى الأفضل، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل سيعوضكِ الله خيرًا مما تركتِه لأجله سبحانه؛ لأنه الكريم الشكور.
القلب خُلق لمحبة الله ورسوله فقط، فهو ليس مجبرًا على حب ذئب بشري أو شيطان أنسِي لا يخاف الله فيكِ، ولا يصون عهدًا ولا ذمة. فلا تطيلي الانتباه لشعارات الحب والعشق والغرام، فهي حواجز تبعدك عن خالقك، وهي من مكر الأشرار. ثم اسألي نفسك: ماذا سيغني عنكِ هذا الحب المزعوم إن جركِ إلى المعاطب؟ ما الحجة التي ستقولينها لخالقكِ يوم تلاقيه؟
أَمة الله، الحياة تُعاش لحب الله ورسوله، غير ذلك هراء. واعلمي أن الله جل جلاله يفرح بتوبة عبده، فما الذي يثنيكِ عن أن تُفرحي ربكِ، خالق قلبكِ؟ يا لحظكِ إن رجعتِ إليه بتوبة نصوح صادقة.
أخيرًا، يا أَمة الله، تذكري أن باب التوبة مفتوح ما دمتِ على قيد الحياة، وقد يُنفك هذا القيد في أي لحظة. فتداركي نفسكِ بتوبة خالصة، وكوني يقظةً، متوكلةً على الله، حتى تلقَي الله بقلبٍ سليم.










