فجرُ المؤمن الصادق!

|

الفجرُ الآتي هو وقتُ بزوغ الحقّ وانتشار النّور بعد ظلمة الليل، يشدو به الفؤادُ رجاءً، وتزهو بروح المؤمن الأضواءُ!
حينَ تنقشعُ عتمةُ الليلِ، ويبدأ ضوءُ الفجرِ الأوّل في التسلّل إلى الأفق البعيد، ينبعثُ في قلبِ المؤمن شعورٌ عميقٌ بالرجاءِ والتجدّد. ذلك الفجرُ الصادق، الذي لا يخدعُ العيونَ، هو رمزُ البدايات الجديدة، وبزوغُ نورِ الحقِّ بعد طولِ انتظار.

فيه ينبعثُ الأملُ، وتُشعلُ الأرواحُ شموعَها؛ لتسير بخطى تحمل في طيّاتها وعدَ اللهِ للمؤمنين بأن يكونوا هم السادةَ والخلفاءَ في الأرض، حاملين رايةَ الحقّ والعدل.
وفي رحلة الدعوة الإسلاميّة مرّ المسلمون بظلمات كثيرة من الاضطهاد والضعف، لكن وعدَ الله تعالى بالفجر الصادق كان مصدرَ أملٍ ونورٍ لا ينقطع. ذلك الفجر هو وعد الله للمؤمنين بأنهم سينتصرون، وأن دين الحق سيعلو ويزدهر، كما قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور: 55].

كلما أشرق هذا الفجر، ازداد ثباتُ المؤمن على لأواء الدعوة، وعلى الفتنِ والشبهاتِ التي تنهشُ أمّته. وكلّما بزغت شمسه، تجدّدت به روح العمل لله في صدره، وسار على نهج السّابقين الأوّلين، لا يعرف الكللَ ولا الملل، ماضٍ في سبيل “إنّ الله اشترى”، فهي بيعةٌ تتجدّد مع كلّ فجرٍ، ورجاؤه أن يتقبّل الله سبحانه بيعته!

يعمل بجدٍّ وصدقٍ؛ آملاً أن تُفتح على يديه معاقلُ وفيرة، يحفظ بها دينَه وأمّة نبيّه والمستضعفين في أصقاع الأرض، شرقًا وغربًا.

وإنّ تحقيق هذا الفجر لا يقتصر على انتظار المعجزات، بل يتطلّب العمل الجادّ، والاجتهاد، والتلاحم في مواجهة التحديات. فإنّ لكل ملحمةٍ فتوحاتٍ كبرى، وإن لم تُدرَك في ظاهرها أو يظنّ الظانّ أنّها تأخّرت، فهي عند الله عظيمةٌ مُدّخرة. يُريك الله سبحانه حين يشاء، ويفتح لك بمزيدٍ من العمل لتعلم أنّه لا يضيع عنده شيء.

وهذا الفجرُ لا يُقاس بزمنٍ ولا بمكان، بل هو وعدٌ متجدّدٌ في قلب كلّ مؤمنٍ صابرٍ، يعمل بإخلاصٍ وثبات. هو النور الذي يُضيء الدروبَ مهما اشتدّت ظلمة الليل، ويُعلن بداية عهدٍ جديد.

غير أنّ هذا الفجر يحتاج إلى وحدة الصفوف والتلاحم، والاجتماع على كلمة سواء؛ فالتفرّق والاختلاف يظلمان الطريق ويؤخران انبثاق الفجر. لذلك يجب على المسلمين أن يجمعهم حبّ الدين، وأن يزرعوا في قلوبهم روح التعاون والتآخي؛ لأنّ قوة الأمة في وحدتها، ونورها في تلاحم أبنائها.

والشباب هم جيل الأمل ومستقبل الأمة، وهم وقود هذه النهضة التي يشرق بها الفجر الصادق. عليهم أن يتحلّوا بالإيمان الراسخ والعمل الجاد؛ فبدونهم لا تكتمل الصورة. إنّهم الحاملون الأوفياء لرسالة الإسلام، وبُشْرى فجرٍ جديد من التمكين والتقدّم.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة