في غزوة أُحُد بعدما نزل الرُّماة مِن ثُغورهم، واشتدَّت على المسلمين، وعلى رسولِ اللّٰه البلواء.
يحكي صاحبُ الرَّحيقِ المَختُوم فيقول: “فلما رهقوه قال: «مَن يردُّهم عنا وله الجنة؟»، أو: «هو رفيقي في الجنة؟» فتقدم رجل من الأنصار فقاتَل حتى قُتِل ثم رهقوه أيضًا فقال: «مَن يردُّهم عنا وله الجنة»، أو: «هو رفيقي في الجنة؟» فتقدَّم رجل مِن الأنصار فقاتل حتى قُتِل، فلم يَزل كذلك حتى قُتِل السَّبعة”.
وفي غزوة حُنين…
عن عائشة قالت: “سَهِرَ رسول اللّٰه -صلَّى اللّٰه عليه وسلم- مَقْدَمه المدينة ليلةً، فقال: «ليت رجلًا صالحًا مِن أصحابي يَحْرُسُني الليلة» قالت: فبينا نحن كذلك سمعنا خَشْخَشَةَ سِلاحٍ، فقال: «مَن هذا؟» قال: سعد بن أبي وقاص. فقال له رسول اللّٰه -صلى اللّٰه عليه وسلم- : «ما جاء بك؟» قال: وقع في نفسي خوفٌ على رسول اللّٰه -صلى الله عليه وسلم-، فجئت أحرسه”.
وكأننا بصوت الرسول النبي الأمي ﷺ في كل محنة، لاسيما اليوم في عصرنا، يدوِّي مُخترقًا حُجب الزمن، إلى أفراد الأمة العليّة وجماعاتها، “مَن يردهم عنا وله الجنّة؟”، “مَن يحرسني الليلة؟”.
مَن يرد عنَّا سِهام العلمانية والدونية والإباحية والسهام التي تخرج منا إلينا طعنًا ببعضنا، وأخرى تخرج مِن مدعي العلم لتطعن بأئمة الهدى ومصابيح الدجى، وأخرى غربيَّة بدراسات مزيفة تطعن بالسنة المشرفة؟ وها هو ثلم بموت المحدثين والأكابر!
مَن يقوم لله المقامات العظيمة، قربان حب لله ورسوله، مَن يمسح بيد دمائه، وبيده الأخرى يصمد ويصدح بلسانه “فزت وربِّ الكعبة”؟
مَن يقول: “أنا لها” فيرابط في العلم بكل صدق و يبني نفسه بناء شموليًا متزنًا بعيدًا عن التعصُّب المُقيت والتمجيد البليد والحب الأعمي؟!
و كما قال صاحب قناة “منهجيات”: “متى يعتقد الواحد منا أنه فعلًا على خط النار؟”.
سمع البخاري كلمة من إسحاق بن راهويه: “مَن يجمع لنا صحيح حديث رسول الله؟” فقال البخاري: “أنا لها”، فصنع لنا صحيح البخاري… فمَن لها؟!
إنَّ مجاهدي الأمة على ثغورهم لا يحسنون دَور العلم، والعلماء في ثغورهم لا يُحسنون ثغر المجاهدين المقاتلين، كُلٌّ على ثغر، والأمة مجموع ذلك كله.










