والقاعدة المؤكدة تقول أنّ: (الرغبة تُحرّك كل ساكِن، كل حاجِز، تُزحزح أي رادِع، وتقضي على العوائق. في سياق المنطق… من يُريد؛ يستطيع، وفي سياق العاطفة… إذا اشتهى القلب؛ ساق القدم!)، وهذهِ قاعدة قوية وثابتة؛ لأنّها تُلخّص جوهر الإرادة الإنسانية. تُضيء عمق العلاقة بين الرغبة والقدرة، وكيف أنَّ الشغف الحقيقيَّ هو المُحرّك الأول لكلِّ ما نسعى لهُ ونرومُ إليه.
هي تلك القوة الكامنة في أعماق الإنسان الشّغوف، والشرارة الأولى التي تُوقد فيهِ فتيل السعي. فعندما تتجذّر الرغبة في قلبِ الإنسان، تُصبح قوةً دافعةً لا تُقهر، تُلهيهِ عن كلِّ ما سواها، وتُوجه طاقته نحو تحقيق الهدف المنشود. لتُصبح الرغبة هي الوقود الذي يُحوّل الأحلام إلى خططٍ، والخطط إلى أفعالٍ، والأفعال إلى واقعٍ ملموس وحقيقي.
ففي سياقِ المنطق البحت، القاعدة واضحة وبسيطة، من يريد؛ يستطيع! فالعقل يُدرك أنَّ الإرادة هي مفتاح القدرة ووقود الرّوح الطموحة. فعندما تُصرّ على شيءٍ ما وتُوجّهُ لهُ كل طاقتك الفكرية والجسدية، فإنك لا ريب تفتح لنفسك دروبًا لم تكن لتراها من قبل لو لم تُغامر. والتفكير المنطقيُّ هُنا، يُخبرنا أنَّ العزيمة تُولد الحلول، وأنَّ المثابرة تُخضع الصعاب، وأنَّ الإصرار يُحوّل المستحيل إلى ممكنٍ. فليس هناك حاجزٌ لا يمكن للعقلِ الواعي أن يُفكّكهُ، ولا عقبة لا يمكن لإرادةٍ الإنسان القوية أن تتخطّاها.
أما في سياقِ العاطفة، فالأمرُ يتخذ بعدًا أعمق وأكثر تأثيرًا، إذا اشتهى القلب؛ ساقت القدم! هنا، لا نتحدث عن مجرد التفكير المنطقي، بل عن الشغف الذي يشتعلُ في الروح، عن الحبِّ العميق الذي يُحرّك المشاعر. عندما يتعلّق القلب بهدفٍ ما، أو بشخصٍ، أو بحلمٍ… فإنَّ الجسد كلّهُ ينقادُ طواعيةً لهذهِ الرغبة العاطفية. المشاعر الصادقة تُصبح مُحرّكًا أقوى من أيِّ منطق؛ فهي تُلغي الخوف، وتُنسي التّعب، وتُضحّي بالغالي والرخيص. فالقلب المُشتهي، هو الذي يُشعل الحماس في كلِّ خطوةٍ تُخطى، ويَمنح السعي لذةً تتجاوزُ حدود التعب، ويُحوّل الألم إلى وقودٍ للمضيِّ قُدمًا نحو ما يصبو إليه.
والجميل في هذهِ القاعدة، أنها تُبيّن تكامل العقل والقلب في تحقيقِ الأهداف. فبينما يُزوّد المنطق الرغبة بالخطةِ والتحليل والعزيمة، تُزوّدها العاطفة بالشغف، والإلهام، والصبر على المكاره. كلاهما ضروريٌّ؛ فالعقل يُضيء الطريق، والقلب يمنحك القوة للسير فيهِ حتى النهاية. الرغبة الحقيقية، هي التقاءُ هذينِ التيارينِ العظيمين، لتُصبح قوةً لا تُقهر، قادرةً على تحريكِ الجبال وقهر المستحيلات أيًا كانت.










