مع السلامة يا مسك فايح

|

مع السلامة يا مسك فايح

شهداء غزة تفوح منهم رائحة المسك!

لقد تصدّر هذا الخبر مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الإخبارية، وتلقفه الناس بكثير من الإعجاب والانبهار، وتحول المستشفى إلى مقصد للزوار ممن يريد الوقوف على هذه الحقيقة بنفسه، فيشهدها عن قرب، ويتنعم برائحة ليست من صنيع البشر؛ ولكنها كرامة ربانية لعباده الصالحين، الذين صدقوا ما عاهدوه عليه؛ فكان جزاؤهم أن خلّد صدقهم وذكراهم، وعجّل لهم من نعيم الجنة ما يشهده الذين من خلفهم، فيكون تثبيتاً لهم وتشويقاً لنعيم الشهادة.

فهذا الشهيد عبد الله الذي انتشلت جثته وقد بقيت تحت الأنقاض لثلاثة أيام، والمفاجأة أن لا رائحة للدم أو مما ينبعث من الجثث؛ ولكنه المسك فقط ما ملأ شذاه الآفاق، يخرج من الجسد الطاهر.

وذاك معاذ قُصف جسده فتطايرت الأشلاء، وتطايرت معها رائحة المسك في كل مكان، وقد وقف على جسده وأشلائه الطبيب وهو يبكي بكاءً شديداً؛ انبهاراً وتقديراً وتعظيماً لهذه الكرامة، والتي كانت من قبل من القصص والأخبار التي يقرأها في الكتب؛ لكنها الآن حقيقة يشهدها بحواسه.

وتعمّ رائحة المسك كثيراً من شهداء غزة حتى لتمشي في الطرقات ولا رائحة غيرها؛ فأي كرامة هذه التي تتوقف عندها قوانين علوم الطبيعة والأحياء، ليحل محلها قوانين وأسرار من عالم الغيب؟

أي رحمة ورأفة وتثبيت من رب السماوات والأرض لعباده المؤمنين {ألّا تخافوا ولا تحزنوا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}؟
وكأنها رسالة من رب العالمين للقاصي والداني.

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ۝ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}.

فلله درك يا شهيد، يا بطلاً كتب مجده بمداد دمه، ورحل إلى ربه مؤمناً صادقاً قد وفى بعهد الحب لمولاه، ولم يتخلف قيد أنملة.

{مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ...}.
وقد خَيَّرُوني الكُفرَ والموتَ دُونَــــــــــــه
وقدْ هَمَلَتْ عَيْنايَ من غَيرِ مَجــــــزَعِ

وما بي حَذارُ الموتِ، إني لميّــــــــــــــــــــتٌ
ولكنْ حَذاري جُحْمُ نارٍ مُلَفَّـــــــــــــــــــــــــــعِ

فلستُ أُبالي حِينَ أُقتَلُ مُسلِمـــــــــــــــــــاً
على أيِّ جَنْبٍ كانَ في اللهِ مَصرَعــــــــــي

ولستُ بمبدٍ للعدو تخشُّعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً
ولا جزَعَاً، إنّي إلى الله مَرجِعـــــــــــــــــــــــــــــــــي

 وما أشبه قصص الصبر والشهادة والكرامات في غزة بقصص الرعيل الأول. فهؤلاء آل ياسر وقد أخرجتهم قوى الشر من قريش إلى الرمضاء، وأذاقتهم صنوف العذاب حتى يرجعوا عن دينهم؛ فما رجعوا ولا استكانوا؛ بل صبروا حتى نالوا الشهادة، وبشرى نبيهم في مسامعهم “صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة”، في مشهد عجيب يعيد النظر في مفهوم الحرية والعبودية؛ بل يكسر تلك المفاهيم وينسفها نسفاً؛ فالحر حر ولو كان معذباً في الأسر، والعبد عبد ولو كان منعّماً في القصر.

وغير بعيد عن حرب غزة وشهدائها؛ ففي حرب الجزائر قصص وأخبار عن كرامات الجهاد والاستشهاد. فكم من شهيد لفظ أنفاسه باسم الثغر، مشرق المحيا! وكم من شهيد عثر على جثته بعد أيام وليالي من الحر لم يمسسها سوء ولم تتغير أو تتبدل؛ بل عبقت منها رائحة المسك، منبئة عن صدق المسير، وكاشفة لما ينتظر هؤلاء الصادقين من نعيم عند ربهم!

وتستمر قافلة الإيمان في المسير لا يوقفها غدر غادر ولا حقد حاقد، وربهم من فوقهم يرعى خطواتهم ويثبتهم.
{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة…}

فيا شهيداً لبى النداء

"قل لي وين رايح
مسك منك فايح
يا بو العيون وساع
فضيت المطــــــارح"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة وفي رواية: لِما يرى من فضل الشهادة” رواه الشيخان عن أنس بن مالك.

وذكّرهم يا طوفان

يا فارساً عرشَ العُلا تتربَّــــــــــــــــــــــــــعُ
صُمُّ الجبالِ أمامَ عزمِكَ تَركـــــعُ
أذللْتَ حُبَّاً للحياةِ ونزعــــــــــــــــــــــــــــــــةً
وَهَببْتَ طوعاً عنْ دِيارك تَدْفعُ
ظَمِئَتْ جراحُك للعُلا فسَقَيْتَها
نبلاً ومَجْدا بالشَّهادَةِ يُتْـــــــــــــــــــــــــــرَعُ
وَسَعَيْتَ للأَمجادِ تَطْرُقُ بابَهـــــــــــــا
بابُ الشَّهادةِ خير بابٍ يُقْـــــــــــــــرَعُ
وإذا الكرامةُ والنَّبالةُ والفِـــــــــــــدا
إكليلُ غارٍ فوقَ هامِكَ يُوضَـــعُ
مَنْ كالشَّهيدِ وقدْ سَمَت أخلاقُهُ
هذا نِداؤهُ للعُلا فلْتَسْمَعـــــــــــــــــــــوا

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة