السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعنا كثيرا عن قصص الصحابة وتأثيرهم الكبير علي المجتمع المسلم، كما وسمعنا عن قصص الصحابيات اللواتي أردن التميز؛ فكم من صحابية أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة.
أريد أن أعرف كيف تكون المرأة مؤثرة في مجتمعها وداعية إلى الله؛ مع وجود الاختلاط فيه؟ وبشكل يجعل الآخرين ينظرون لها كقدوة صالحة يتعلمون منها..
وما هي الضوابط التي يجب أن تلتزم بها حتى لا تفتن الرجال، وفي الوقت ذاته لا تكبت شخصيتها المؤثرة ولا حريتها في التعبير عن أفكارها؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله وبارك بك،
بداية هناك تصور خاطئ عند كثير من الفتيات، أنه لكي يكون للمرأة دور مؤثر في المجتمع؛ فلابد أن تقارع ثغور الرجال، وتنافسهم فيها. لكن هذا التصور لم يكن أبدا عند الصحابيات والقرون الخيرة التي تليهم.
حتى فكرة التميز ذاتها التي ذكرتيها، لم تكن مطلبا يوميا لصحابية ولا لواحدة من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فلو تأملت بتجرد في حياة الصحابيات لن تجدي غير أنهن كن ربات بيوت وزوجات صالحات وأمهات عظيمات، كن يحفظن بيوتهن ويتوددن إلى أزواجهن ويسعين إلي تربية رجال عظام يذودون عن الأمة والدين في كل حين.
ثم بعد هذا الأصل، تجدي بعض الإستثناءات التي لم تكن مقصودة لذاتها، وإنما فرضها الموقف، فكانت النساء في تلك المواقف قوية شجاعة مقدامة، لم يؤت الإسلام من قبلها أبدا.
كموقف صفية رضي الله عنها حين قتلت اليهودي، وهن كنساء كن متحصنات في بيت لم يخرجن لمقابلة عدو أو محاربة رجال، لكن حين بلغهن الخطر كن كالرجال.
تأثير الصحابيات، كان أساسه الإمتثال لأوامر الله عزوجل ورسوله دون تبرم أو استصغار لثغرهن الذي كما أوضحنا كان هو حفظ البيت المسلم من داخله بما يعين الرجل على حفظ الأمة من الخارج.
بذلك تجدي أن أسماء رضي الله عنها؛ قد أنجبت ذلك الفارس المغوار عبدالله بن الزبير، وذلك العالم الجليل عروة بن الزبير وغيرهم، فكان تأثيرها في الأمة قائم وعظيم ومتعد ومتعدد وممتد.
وهذه صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم، أنجبت الزبير بن العوام وهو هو، فأثرت أعظم تأثير دون خروج ومخالطة وتنافس مع الرجال.
أعظم ما تقدمه المرأة في زماننا الآن، أن تحفظ المجتمع من داخله فتسعى لرفع الجهل عن بنات جنسها والأخذ بأيديهن في كل ما يفيدهن ويفيد الأمة، وأن تحفظ بيتها وتخرج رجال كالزبير وأبناءه وغيرهم من الصحابة والتابعين.
أن تكون المرأة قدوة صالحة؛ هو أن تلتزم أوامر الله عزوجل دون تبرم، فتمتنع عن الإختلاط كما قلت، فضرر الإختلاط أشد وأشنع من الفائدة التي قد تعود عليها وعلى المجتمع على إثره إن كانت هناك فائدة أصلا.
ولو أنك اطلعت على كثير من المشاكل الحقيقية، لبكيت من هول الخسائر التي أثخنت في الأمة بسبب الإختلاط، ولخبئت نفسك في غرفتك تطلبين من الله عز وجل العافية والسلامة، نسأل الله عز وجل أن يعافينا والمسلمين ويعفو عنا.
كما قلت لك، لا تكبتي شخصيتك المؤثرة ولكن ضعيها في مكانها الصحيح، كتعليم النساء ورفع الجهالة عنهم، ونقلها لأبناءك بإذن الله، واستغلالها في تنشئة جيل قوي عزيز أبي مقدام.
أسأل الله عز وجل أن يستعملك ولا يستبدلك، وأن يبصرك بثغر يقيمك عليه يرضيه ويرضى به عنك.