عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا (أَهْلَ الأَرْضِ) يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ. أخرجه أبو داود في كتاب الأدب.
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كَانَتْ لِي غَنَمٌ بَيْنَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فِيهَا جَارِيَةٌ لِي، فَأَطْلَعْتُهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّئْبُ ذَهَبَ مِنْهَا بَشَاةٍ وَأَنَا مِنْ بَنِي آدَمَ، (آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ)، فَرَفَعْتُ يَدِي فَصَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرْتُ (لَهُ ذَلِكَ) فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أَعْتِقُهَا؟ قَالَ: ادْعُهَا، فَدَعَوْتُهَا.
قَالَ: (فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَيْنَ اللَّهُ، قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: مَنْ أَنَا، قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ. (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَمَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الأَئِمَّةِ.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنِ اشْتَكَى مِنْكُمْ، أَوِ اشْتَكَى أَخٌ لَهُ فَلْيَقُلْ: رَبَّنَا الله الَّذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ اسْمُكَ، أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ، اغْفِرْ لَنَا (حَوْبَنَا)وَخَطَايَانَا، أَنْتَ رَبُّ الطِّيِّبِينَ، أَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى الْوَجَعِ فَيَبْرَأَ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى (فِرَاشِهِ)، فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا». (أَخْرَجَهُ مُسْلِم).
الكتاب: إثبات صفة العلوالمؤلف: أبو محمد موفق الدين، الشهير بابن قدامة المقدسي
رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: بِمَاذَا نَعْرِفُ رَبَّنَا؟قَالَ: “بِأَنَّهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ وَلَا نَقُولُ كَمَا تَقُولُ الْجَهْمِيَّة إنَّهُ هَهُنَا فِي الْأَرْضِ وَهَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ”.
وَرُوِيَ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ الْإِمَامِ سَمِعْت حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ وَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّة. فَقَالَ: “إنَّمَا يُحَاوِلُونَ أَنْ يَقُولُوا لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ”.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ «الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّة» عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الضبعي -إمَامِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عِلْمًا وَدِينًا مِنْ شُيُوخِ الْإِمَامِ أَحْمَد- أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ الْجَهْمِيَّة فَقَالَ: “أَشَرُّ قَوْلًا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَقَدْ أَجْمَعَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَأَهْلُ الْأَدْيَانِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَلَى الْعَرْشِ وَهُمْ قَالُوا: لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ”.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَة إمَامُ الْأَئِمَّةِ: “مَنْ لَمْ يَقُلْ إنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ وَجَبَ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقَهُ ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى مَزْبَلَةٍ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِرِيحِهِ أَهْلُ الْقِبْلَةِ وَلَا أَهْلُ الذِّمَّةِ:. ذَكَرَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَد بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ -الواسطي إمَامِ أَهْلِ وَاسِطَ مِنْ طَبَقَةِ شُيُوخِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد- قَالَ: “كَلَّمْت بِشْرًا الْمَرِيسِيَّ وَأَصْحَابَ بِشْرٍ؛ فَرَأَيْت آخِرَ كَلَامِهِمْ يَنْتَهِي أَنْ يَقُولُوا: لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ”.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ الْإِمَامِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ شَرٌّ مِنْ أَصْحَابِ جَهْمٍ يَدُورُونَ عَلَى أَنْ يَقُولُوا: لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ أَرَى وَاَللَّهِ أَنْ لَا يُنَاكَحُوا وَلَا يوارثوا”.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي «كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّة» عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: “أَصْحَابُ جَهْمٍ يُرِيدُونَ أَنْ يَقُولُوا إنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى وَيُرِيدُونَ أَنْ يَقُولُوا: لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا”.
وَعَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: “قَدِمَتْ امْرَأَةُ جَهْمٍ فَنَزَلَتْ بِالدَّبَّاغِينَ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهَا: اللَّهُ عَلَى عَرْشِهِ. فَقَالَتْ: مَحْدُودٌ عَلَى مَحْدُودٍ فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كَفَرَتْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ”.
وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ -شَيْخِ أَحْمَد وَالْبُخَارِيِّ وَطَبَقَتِهِمَا- قَالَ: “نَاظَرْت جهميا؛ فَتَبَيَّنَ مِنْ كَلَامِهِ أَنْ لَا يُؤْمِنَ أَنَّ فِي السَّمَاءِ رَبًّا”.وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ الشيباني قَالَ: أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعٍ الصَّائِغَ قَالَ: سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: “اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ؛ لَا يَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكَانٌ”.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: “خِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حَقٌّ قَضَاهُ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَجَمَعَ عَلَيْهِ قُلُوبَ عِبَادِهِ”.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ زَيْنَبُ تَفْتَخِرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ «زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ».وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
وَقِصَّةُ أَبِي يُوسُفَ -صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ- مَشْهُورَةٌ فِي اسْتِتَابَةِ بِشْرٍ المريسي حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ لَمَّا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ قَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زمنين «الْإِمَامُ الْمَشْهُورُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي أُصُولِ السُّنَّةِ، قَالَ فِيهِ:
بَابُ الْإِيمَانِ بِالْعَرْشِ قَالَ: “وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْعَرْشَ وَاخْتَصَّهُ بِالْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ فَوْقَ جَمِيعِ مَا خَلَقَ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَيْهِ كَيْفَ شَاءَ كَمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ﴾ الْآيَةَ. فَسُبْحَانَ مَنْ بَعُدَ وَقَرُبَ بِعِلْمِهِ فَسَمِعَ النَّجْوَى.
الكتاب: مجموع الفتاوىالمؤلف: شيخ الإسلام أحمد بن تيمية