جاء عن ابنُ عَبَّاسٍ أنه قال: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلتُ: بَلَى، قالَ: هذِه المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: إنِّي أُصْرَعُ وإنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قالَ: “إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ”، قالَتْ: أَصْبِرُ، قالَتْ: فإنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا.
نستخرج من هذا الحديث الشريف فوائد كثيرة، ومنها عفاف المرأة وفطرتها السوية. فرغم أنها كانت تصرع، لم ترضَ على نفسها التكشف، وما ذاك إلا لورعها وتقواها.
فما هو عذر نساء اليوم ممن تخرج كاسية عارية، ومن تخرج شعرها من الحجاب، ومن تضيق لباسها حتى يحدد تفاصيل جسدها؟ كيفَ ترضى لنفسها ذلك وهي بتمام وعيها وعقلها؟
إن من أعظم مقاصد الحجاب والستر؛ إقامة مجتمع لا تهاج فيه الشهوات، ولا تثار فيه الغرائز، بل تضيق به سبل الغواية. لذلك خصت المؤمنات في القرآن بوصايا جليلة، ومنها الحجاب، لكي يحفظ على المرأة عفتها، وليصونها من أن تخدشها أبصار الذين في قلوبهم مرض.
أيا ليت الأنثى تدرك وتبصر إلى أين ستقود أفعالها، بخروجها متزينة متعطرة من إفساد للمجتمع المسلم. فهي من تشعل غرائز الرجال، وهي من تفتنهم بالخضوع بالقول، فلو صدت هي الشاب من البداية لما تمادى هو. ولا أقصد هنا أن الإثم عليها فقط، لا بل على كلا الجنسين، فكلاهما عليهما اتباع ما أمرهما به ربهما كغض البصر وغيره، لكن التكليف يزيد على المرأة أكثر لأن فتنتها للرجال أكبر.
ومهمة المرأة في بيتها عظيمة إذا عقلتها، فهي تقابل شهود الجمع والجماعات، وتساوي التطوع والجهاد.
وما أعظم صبرها لما رضيت بالصرع، لتنال الجنة، فما عذرك أنت؟ ألا تستطيعين الصبر على حر الدنيا، ونار جهنم أشدُ حراً؟ ألا تستطيعين الصبر على هذه الفتن، وما جعلت الفتن إلا لتمحيص المؤمنين، وتمييز الكاذب من الصادق فينا؟ ألا تستطيعين الصبر على هذه الأيام القلائل إلى أن يحين موعد الرحيل؟ أترضين حينها أن تقبض روحك وأنت سافرة وتقابلي ربك بهذا الحال؟ أم تتمنين أن تلقي ربك صابرة محتسبة محتشمة، وقفت أمام الفتن هازئة أن غُرِّي غيري؟ فاختاري لنفسك المقام والمقال.
وإنما المعالي والمقاصد لا تنال بالتمني، بل بالجهد والسعي الحثيث إليها.