“سفر القلب هو حياة الأرواح، ومفتاح السعادة، وغنيمة العقول والألباب، لا كالسفر الذي هو قطعة من العذاب” ابن القيم. لنسافر في قلوبنا دقيقة واحدة في رحابة هذا الكون.
في درس العلوم، في إحدى الصفوف الابتدائية:
-علل
س: لماذا لا يمتلك العصفور مثانة؟
ج: لتخفيف وزنه ومساعدته على الطيران.
فالطيور تملك بدلاً من الكيس أو الخزان الذي تتجمع فيه السوائل، مقذرة تخرج البول بلون أبيض والبراز سوية غير منفصلتان.
تسبحُ في ملكوت هذا الكونُ ومدّبره؛ كيف يكون ادّعاء المُلحدين أن الكون خُلق صدفة؟ حين تنظر لعصفور صغير وتسأل نفسك: لماذا الطيور تتكاثر بالبيوض أما الثدييات تتكاثر بالولادة؟
حين تطير الطيور، تخيّل أنها تحمل صغيرها في جوفها وتسقط تارة لثقل وزنها وتتمايل تارات! فمن حكمة الله أن ألهمها لتضع بيضها في عشّها، ثم يتناوب الوالدان على حمايتهما، ثم يطير كل منهما خفيف الوزن كالريشة، متوازناً مع حركة الهواء.
ولَعمري إن نطق العصفور لقال: يالِعظمتك مولاي ما خلقتني إلا في أفضل نَسق.
لا شيء خُلق عن عبث أو بلا فائدة. يوصلك هذا التفكير إلى أن الذي أحكَم صُنع مخلوقاته مهما تناهت دقّتها؛ لن يعجزه تدبير أمورك التي تعقّدت وتشابكت واستحالت.
كالطفل الصغير الذي يخطط ويفكر في كيفية إحضار قطعة الشوكولاتة، الموضوعة في الرف البعيد عن يده القريب من نظره؛ فتارة يضع عشرات الوسادات فوق بعضها يصعد عليها ثم يقع، وتارة يضع كل كراسي المنزل ثم لا تصل يده؛ فيأتي والده، ويشدّ كمّه مسترحماً مستعطفاً إياه، بدموع من عينيه الصغيرتين؛ فيمد الأب يده بحركة رشيقة ويناوله إياها ويمسح على رأسه.
ولله سبحانه المَثل الأعلى. مهما استحالت الأسباب فهو مسببها، ومهما تعالت عليك الأقدار فهو أعلى منها وهو مقدرها؛ فادعوه رغبة ورهبة، وسبح بحمده عشية وضحى، واستغفره في الغدو والآصال، وكن حامداً له في السراء والضرّاء. فكم دفع الاستغفار عنك من ضر
وكم جلب لك الحمد الخير!
ففي قول ابن للقيم: (غَايَةُ الْكَرم، الَّذِي لَا كَرَمَ فَوْقَهُ: أَنْ يُنْعِمَ الله عَلَيْكَ، ثُمَ يُوزِعَكَ شُكْرَ النِعْمة، وَيَرْضَى عَنْكَ، ثُمَ يُعِيدَ إِلَيْك مَنْفَعَةَ شُكْرِك، وَيَجْعَلَهُ سَبَبا لِتَوَالِي نِعَمِه).