أما اشتقت إلى النعيم؟

|

أما اشتقت إلى النعيم؟

حين يرهقك السعي في هذه الدنيا والرّكض واللهث؛ فتشعر بكل جوارحك متعبة، ينال منكَ عدم الإنصاف، وتدمع عينك من مشاهد الظلم، وتحترق كبدك من تصدّر الكاذب المنافق، وتواري الصادق الأمين؛ بل وظلمه؛ يهمس قلبك الحيّ: فيّ شوق خفيّ إلى النعيم في الجنة، أن أنجوَ كفافاً لا لي ولا عليّ، أن أجلس تحت شجرة لا ينال مني شيء.

تتذكّر دار الخلود، تجلس فيها مُتكئاً على الأرائك، {يطوف عليهم ولدان مخلدون}؛ نعم، اجلسْ فقط، وسيأتيك ما ترغب، كل ما تشتهي من أصناف تعرفها ولا تعرفها.

-يتمطّى بعض الناس :حسناً، كل هذا الطعام كيف سآكله إذا شبعت؟

المقاييس الأرضية الدنيوية لا تشبه ولا تنطبق على مقاييس السماء والجنة. الجنة خالصة من الأذى، وأهلها مطهرون من أوساخ الدنيا؛ فكيف بي إن أخبرتك أن فضلات أهل الجنة تتحول لرشح كالمسك، ثم تخاف من الشبع أو أن يؤلمك بطنك؟

الخمر الذي يؤذي الجسم ويحيله خراباً؛ فيصيب صاحبه بتشمع الكبد والأمراض العقلية والحرق في المريء، في الجنة طيب المذاق. أفهمت إلى أي حد الجنة لا تستطيع تخيلها وتخيل النعيم فيها؟

في تدبر لطيف للشيخ بدر آل مرعي: “{الجنة أزلفت للمتقين} أي قربت لهم من باب الإكرام، انظروا هنا فتح لأقواس التمني، {لهم مايشاؤون فيها} هنا مجمع الخيارات الآمنة، خيارات مفتوحة، في الجنة كل الخيارات متاحة، {لهم مايشاؤون فيها ولدينا مزيد} قيل مافوق الأمنيات”.

أحياناً تقول: (آه لو لدي حرية الاختيار، آه لو أستطيع اختيار ما أود بعيداً عن “خير الشرّين”، وأقلهما ضررا عليّ). في الجنة ستختار ما تود، وكله خير وكله نشوة لا تنتهي.

-ترى الزوجة التي تشتاق الجنّة؛ لكنّ الغيرة تنهَش فؤادها، وتتساءل: كيف أكون في حبور في الجنة وزوجي لديه حور عين؟
في الجنة ينزع الله الغيرة من قلبك، “ماطاب نعيم أهل الجنة إلا حين نزع الغل والحسد من قلوبهم” ابن الجوزي.

-يتساءل بعض الناس: ألن نصاب بالملل من الخلود؟
مهما بدونا مثقفين متعالمين، ففي ذهننا قصور عن تصور مشاهد النعيم الأخروي؛ إنما نسعى لتقريبه، ففي الجنّة كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “مالا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر”.

عندما يحدثك شخصٌ كريمٌ عن شيء حضره لك، سترسم صورة بهيّة في مخيلتك ثم حين يمدحه لكْ، تضيف على ما تخيلته الزخارف والنقوش؛ لكن حين تراه عيَاناً؛ تهرب الكلمات من فمك: أصدقكَ القول يا صاحبي، لقد رسمت أعظم ما يمكنني رسمه، وأضفتُ؛ لكنّ ذوقك بديع وكرمك لا مثيل له، ثم تبقى مشدوهاً مأسوراً بهذا المشهد.
ولله المثل الأعلى.

-أحياناً، ترى بعض الأشخاص؛ فتحدّث نفسك: إن فلان مرتاح في حياته وجهه يبرقُ سعادة.
لنتمعّن هذه الآية: {تعرف في وجوهم نضرة النعيم}؛ إن أهل الجنة، السعادة ترجمانهم والرضى عنوانهم.

فهلّا عملت لتكون أهلاً لها، لتنالها؟

جعلني الله وإياكم من أهل النعيم.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة