بسم الله الرحمن الرحيم، خالق الأكوان وبديع السماوات والأرض. والصلاة والسلام على صفوة الخلق وحبيب الحق، سيدنا محمد، نور الهدى وبلسم القلوب، وعلى آله وصحبه الأبرار، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين… وبعد:
في خضم البحث عن الدرر والنفائس التي تثري الروح وتهدي العقل، وفي رحلة البحث المضنية عن ينابيع الحكمة والهدى، وعن الجمال الكامن في ثنايا الكلمات التي تهذب الروح وتنير البصيرة، استوقفني برنامجٌ أضاء لي جوانبَ كانت خافية، وأرشدني إلى معانٍ سامية، وهو برنامج “كوني أنثى” للشيخ الدكتور عبد الرحمن منصور، الذي نسأل الله أن يجزيه عنا خير الجزاء وأوفاه.
لقد لامس هذا البرنامج شغاف قلبي، وأيقظ في نفسي مناطق كانت تحتاج إلى سقي وعناية، حيث سرى إلى أعماق فؤادي سريان الماء الزلال في الأرض الظمأى، وأيقظ في وجداني مشاعر كانت تحتاج إلى تلطيف ورعاية. فكم كانت الفوائد التي قطفتها من رياضه يانعة، وكم كان الأثر الذي غرسه في مسيرة حياتي راسخًا! حيث بدأتُ بتوفيق من الله وعونه بتطبيق ما كنتُ قد قصرتُ فيه من واجبات، وأهملتُ من فضائل، فله سبحانه الحمد والشكر على هدايته وتسديده.
ورغم أن شمس هذا البرنامج كانت قد أشرقت على سماء المعرفة قبل ستة أعوام خلت؛ إلا أنني سعدت بنورها الوضاء قبل عام مضى. وإزاء ما لمستُ في ثناياه من عذب الفوائد وجليل المنافع، فقد لاحت في خاطري فكرةٌ أرجو أن تكون نافعة ومباركة، وهي تفريغ كنوزه ودُرره اللفظية، وإعادة صياغة معانيه القيّمة وتنقيح ألفاظه البليغة، وتحويل عباراته من اللهجة المصرية العامية الدارجة المحكية، إلى اللغة العربية الفصحى الفصيحة الساحرة بجمالها وبيانها؛ لتتسنى الاستفادة منه كُل أخت مسلمة تتوق إلى العلم النافع والقول السديد والمعرفة والهداية في مشارق الأرض ومغاربها.
وبما أنني قد استلهمتُ روح هذا البرنامج القيّم، وارتويتُ من ينابيعه الثرية، فقد أعدتُ صياغة كنوزه بأسلوبي الأنثوي الخاص، الذي ينبع من أعماق قلبي ويتوجه مباشرةً إلى قلوبكنّ، يا حبيباتي الزوجات، ويا زهرات عمري الأمهات، ويا رفيقات دربي الأخوات، ويا براعم حياتي البنات. لقد تحدثتُ بلساني، لا ناقلةً لكلام الشيخ فحسب؛ بل معبرةً عنكنّ وباسمكنّ، لأخاطب فيكنّ الأم الرؤوم، والزوجة الودود، والأخت الصدوق، والابنة الغالية. فكل من تستمع إلى هذه الكلمات، ستشعر بأنها ليست مجرد صدى لمحاضراتٍ سابقة؛ بل هي نبضٌ جديدٌ ينبض بصدق مشاعركنّ، وهمساتٌ دافئةٌ تلامس أرواحكنّ. لقد ابتعدتُ عمدًا عن أسلوب الشيخ الجليل، لأعيد تشكيل المعاني بريشة أنثوية، أرسم بها لوحةً تخاطب أحاسيسكنّ وتطلعاتكنّ.
فمن لم تُتح لها فرصة الاستماع إلى البرنامج القيّم الثري بمحتواه وبصوته الأصلي، ستجد هنا عزاءً وسلوانًا ومرشدًا أمينًا، وضياءً ساطعًا ينير لها دروب الحياة، ونصحًا صادقًا يرشدها إلى سواء السبيل. أما من سبق لها أن نهلت من معينه الصافي، فسيكون هذا العمل بمثابة تذكير رقيق يجدد العهد ولمسة وفاء، وإلهام عذب يعيد إلى الأذهان تلك المعاني السامية بروحٍ متجددة وإحساسٍ أعمق، يدعوها إلى إعادة الإصغاء إلى محاضرات البرنامج بقلب حاضر وعقل متدبر.
هذا، وأتوجه إلى الله جل وعلا بقلب خاشع ولسان ضارع أن يتقبل مني هذا العمل اليسير قبولًا كريمًا حسنًا، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم المنير، فهو سبحانه وتعالى نعم المولى ونعم النصير، وله الفضل والمنة أولًا وآخرًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.