في ظل الباب الاقتصادي، والمصطلح الذي نكشف زيفه هو (الربا←الفائدة).
المصطلح: الفائدة.
التسمية الخادعة: الفائدة.
التسمية الشرعية والحقيقة: الربا.
تعريف المصطلح كما يُروج له:
الفائدة:
هي مبلغ يُدفع كنسبة مئوية ثابتة أو متغيرة، مقابل إقراض المال لمدة معينة، وتُعتبر في النظام البنكي الحديث أداةً “قانونية” لتحقيق الربح ولتنظيم العمليات المالية.
التزييف اللغوي:
سمّوه “فائدة” لإضفاء طابع إيجابي عليه، وكأن فيه نفعًا للطرفين، بينما هو في حقيقته أكل لأموال الناس بالباطل، واستغلال لحاجة المحتاجين، وظلم واضح، وهلاك للناس وبالأخص الفقراء والمساكين، بالمقابل فائدة عظيمة للدولة والرأس ماليين. تغري الجهلة أولًا بمال يقدم لهم على طبق من الراحة، لكنها في النهاية أوزار يحملونها تكبلهم.
تأمل هذا التناقض يسمونه فائدة، والله يسميه: ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 278-279].
الحكم الشرعي:
الربا مُحرّم تحريمًا قطعيًا في الإسلام، ومن الكبائر المهلكة. قال رسول الله ﷺ: «اجتنبوا السبع الموبقات… وذكر منها: أكل الربا»[رواه البخاري ومسلم]. وقال أيضًا ﷺ: «لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه. وقال: هم سواء»[رواه مسلم].
قال ابن حجر: (الربا من الكبائر المتفق على تحريمها، وهو من الموبقات)، وقال الإمام القرطبي: (الربا من أعظم أسباب هلاك الأمم، وهو ظلم ظاهر وفجور مبين). ولذلك؛ فالربا يحطم الأخلاق: ينشر الجشع والطمع، ويقتل الرحمة في قلب المرابي.
- الربا يعمق الفجوة الاجتماعية: الغني يزداد غنى، والفقير يزداد فقرًا.
- الربا يضر بالاقتصاد: النظام الربوي كان أحد أسباب انهيارات اقتصادية كبرى.
- الربا يُفسد المعاملات: لا يقوم على العمل والإنتاج، بل على استغلال الزمن في أخذ الزيادة.
ويؤثر الربا في الاقتصاد المعاصر بحيث:
- تغرق الدول الفقيرة في ديون ضخمة بسبب “الفوائد”.
- تنهار المشاريع الصغيرة تحت ضغط القروض الربوية.
- تنتشر الأمراض الاجتماعية: البطالة، الجريمة، الانتحار، بسبب الفقر الناتج عن الربا.
البديل الإسلامي ففي الإسلام، يُبنى التمويل على:
- المرابحة: بيع يحقق الربح من خلال البيع والشراء، وليس القرض.
- المشاركة والمضاربة: تقاسم الأرباح والخسائر بعد العمل.
- القرض الحسن: مال يُقرض لوجه الله، أو نفع دون زيادة.
- الزكاة والصدقات: دعم الفقراء بدون استغلال أو استعلاء. ولذلك، لا يجوز لمسلم أن يُسمّي الربا فائدة، ولو جرى العرف بذلك.
من يعمل في مجال التمويل، يجب أن يتحرى شرعية معاملاته.
من تورّط في قرض ربوي، فعليه التوبة، والسعي للخروج منه قدر المستطاع.
وفي الختام:
أيها الأحبة، إن المال الذي نكسبه هو زادنا في الدنيا، وزادنا في الآخرة، إما أن يكون علينا بركة ورحمة، وإما أن يكون وبالًا وحسرة. وقد جعل الله لنا أبوابًا واسعة للرزق الحلال، تكفي من صدق توكله، وصبر على الحلال، ورضي بما قسم الله له.
فإياكم والربا، فإنه محق للبركة، وإن بدا لكم أنه يدرّ المال. قال الله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾[البقرة: 276]. وقال رسول الله ﷺ: «إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنّكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته»[رواه أبو نعيم والطبراني وغيره].
فاطلبوا الرزق من بابه، وتحرّوا الحلال في تجارتكم ووظائفكم ومعاملاتكم، فإن الله هو الرزّاق ذو القوة المتين، ولن يخيّب من اتقاه، واستغنى بحلاله عن حرامه.
اللهم ارزقنا الحلال وبارك لنا فيه، وجنّبنا الحرام وأبوابه، واغننا بفضلك عمن سواك، وثبتنا على طاعتك حتى نلقاك. والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.