المصطلح: الحرية الشخصية.
التسمية الخادعة: الحرية الشخصية.
التسمية الدينية والحقيقية: الانحلال الأخلاقي + التمرد على أحكام الدين.
تعريف المصطلح كما يُروّج له:
الحرية الشخصية كما يروج لها الخطابات الغربية الحديثة، والمتأثرين بها تعني: أن تفعل ما تشاء، وقت ما تشاء، كيفما تشاء، دون أن يكون لأحد عليك سلطان. ما دمت لا تؤذي الآخرين جسديًا أو ماديًا. تحت شرط أو مقولة مشهورة: (أنت حُر ما لم تضرُ)!
وهذا التعريف، يُستخدم كذريعة للتبرير الانحلال من: الحجاب، ضوابط اللباس والسلوك، العلاقات المحرّمة، الإلحاد وسبّ الدين، الأنحراف الجنسي، شرب الخمر والتبرج والرقص… “الفن الهابط بشكل عام”.
التزييف اللغوي:
سمّوها حرية شخصية، وهي في حقيقتها عبودية للشهوات، وتمرد على أوامر رب الأرض والسماوات. أرادوا بها إطلاق الإنسان من ضوابط الدين، وقيود الفطرة، وحدود الأخلاق، فالحرية لا تقتصر على نظرة الشخص لنفسة، بكم سبّبه من ضرر أو لا!
بل ما يراه الناس، فالشخص لا يعيش في دوائره الخاصة وتوقعاته الصغيرة، بل هو فرد من مجتمع وبيئة كبيرة، ويجب عليه أن يراجع حساباته قبل أن يُقدم على فكرة أو خطوة معينة، فالشخص هذا يمثّل دينة وأهله وعرقة.
وطبعًا، بسبب هذا المصطلح، ظهر على السطح حالة كبيرة من الفردانية التي سببت مشاكل وخيمة، ومن أهمها: مشاكل إنسانية ونفسية. يقول الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ﴾[الجاثية: 23]. قال ربعي بن عامر لرستم ملك الروم: (اللّه ابتعثنا لنخرج مَنْ شاء من عبادة العباد إلى عبادة اللّه، ومِنْ ضيق الدنيا إلى سعَتها، ومن جَور الأديان إلى عَدْل الإسلام).
الرد الشرعي:
الحرية في الإسلام مقيدة بالعبودية لله، فالحر من تحرر من عبودية الخلق، ولم يخضع إلا لأمر الله. قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟)، لكن الحرية هنا لا تعني التعدي على حدود الله.
قال الله تعالى: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم﴾[الأحزاب: 36]. وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:(الحرية الحقيقية هي الخروج من رق الهوى، ومن سلطان النفس الأمارة، ومن أسر الجهل والضلال).
إذا تُركت للناس حرية “يفعلون ما يشاؤون”، فما الذي يمنع الزنا، والتحرش، والانحراف الجنسي”المثلية”، وسبّ المقدسات؟ هل المجتمعات التي جعلت من “الحرية” إلهًا، أكثر استقرارًا وسعادة؟ أم هي في قلق دائم؟ هل الانحلال الأخلاقي يجعل الإنسان حرًا، أم عبدًا لنزواته؟
ديننا أمر بالنصيحة: ﴿وَأَنْصَحُ لَكُمْ﴾[الأعراف:62]. وقال الله -عز وجل-: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة:71]، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[العصر:1- 3]، قال كذلك ﷻ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾[المائدة:2].
قال النبي ﷺ: «مَن دلَّ على خيرٍ فله مثلُ أجر فاعله»، ويقول ﷺ كذلك: «الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». وفي حديث ثالث: «وإنَّ أبغضَ الكلامِ إلى اللَّهِ أن يقولَ الرَّجلُ للرَّجلِ: اتَّقِ اللَّهَ، فيقولُ: عليكَ نفسَكَ».
وتلك الدول التي سمحت بالإباحية تحت شعار “الحرية الشخصية”، غرقت في الانتحار، التفكك الأسري، وانهيار القيم.
والفتاة التي نزعت الحجاب تحت دعوى الحرية، لم تصبح أقوى، بل أصبحت سلعة إعلانية مبتذلة، والمجتمعات التي رفضت ضوابط الدين باسم الحرية، انتشرت فيها الأمراض النفسية والجسدية والاجتماعية الخ…
البديل الإسلامي:
الإسلام لا يمنع الحرية، لكنه يهذّبها ويقننها. حرية الفكر؟ نعم، لكن، بلا طعن في العقيدة. حرية اللباس؟ نعم، ضمن ضوابط الحياء والعفة. حرية التعبير؟ نعم، دون سبّ الله أو رسوله أو الطعن في العلماء والثوابت.
وبذلك، فإن المصطلح الغربي هو: الحرية الشخصية، ومعناه الخفي: التمرد على أوامر الله. والأثر الواقعي فوضى أخلاقية، انهيار مجتمعي. فموقف الإسلام منه: حرية مضبوطة بشرع الله. والحرية هي: العبودية لله، وضوابط الفطرة، والتنزه من أوثان العصر الحديث.
إخواني وأخواتي، ليست الحرية في أن نفعل ما نشاء، بل في أن نختار طاعة من خلقنا على معصيته. والعبد الحقيقي، هو من خضع لله، لا من خضع لهواه أو لأجندات الغرب الحرية هي بأن تختار قهوتك بسكر أو بدونه، وليس شرع الله: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾، ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾.
فدعونا لا ننخدع بالألفاظ البراقة، فإن وراءها نارًا تحرق القيم والدين والأمة. اللهم اجعلنا ممن تحرر من عبودية الهوى، وذاق لذة العبودية لك وحدك.