رفعت إلى رب الأنام مطالبي

رفعت إلى رب الأنام مطالبي

  ووجهت وجهي نخوه ورغائبي

إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه

  مليك يُرجَى سَيْبُهُ في المتاعب

إلى الصمد البَرَ الذي فاض جُوده

  وعمّ الورى طراً بِجَزل المواهب

مُجيري من الخطب المَخُوفِ وناصري

  مغيثي إذا ضاقت علي مذاهبي

مقيلي إذا زَلَّتْ بيَ النَّعْلُ عاثراً

  وأسمحُ غَفَار وأكرمُ واهب

فما زال يُوليني الجميل تلطفاً

  ويدفع عني في صدور النوائب

ويرزُقُني طفلاً وكهلاً وقبلها

  جنيناً ويحميني وبي المكاسب

إِذَا أَغْلَقَ الأَمْلاكُ دُوْنِي قُصُورَهُمْ

  ونهنه عن غشيانهم زَجْرُ حاجب

فَزِعتُ إلى باب المُهَيْمِن طَارقًا

  مُدِلًا أنادي باسمِهِ غير هائبِ

فلم أَلْفِ حُجّاباً ولم أخشَ مَنْعَةً

  وإن كان سؤلي فوق هام الكواكب

كريم يُلبّي عبدَهُ كُلّما دعا

  نهاراً وليلاً في الدُّجى والغياهب

يقول له لبيك عبدي داعياً

  وإن كُنتَ خَطَاءً كثير المَعايب

فما ضاق عفوي عن جَرِيرَة خاطىء

  وما أحد يرجو إلي بخائب

فلا تخش إقلالاً وإن كنت مُكثِراً

  فعُرفي مبذول إلى كُلِّ طالب

سأسأله ما شِئتُ إِن يمينَهُ

  تسُحُ دِفاقاً بِالمُنى والرّغائبِ

فحسبي ربِّي فِي الزَّعَازِعِ مَلجأ

  وحرزاً إذا خيفتْ سِهامُ النوائب

وحسبي خفي اللطف في كل أزمة

  ملاذا وأمنًا في اختشاءِ العواقب

وصل على المختار أوثق شافع

  إذا هبت الأنسامُ مِن كل جانب

عليه من الرحمن أزكى تحية

  تفوح بها أرجاء فيح السباسب

وأزكى صلاة ينتهي القطر دونها

  ويقصر عن إحصائها عَدُّ حاسب

 

  • ابن القيم