-أنا حلوة؟
-عجبك فستاني؟
-شوفي مناكيري.
-ضمّي ابنتي، حبّيتيها؟ هيا أحبّيها (تقصد دميتها).
دائماً ما تسألُنيها قريبتي التي لم تتجاوز الثلاث سنوات. هي تعرف أنها جميلة؛ لأنّنا دائما نخبرها؛ لكنّها تحب سماعها مِراراً.
ردَدت مُشاكستها بقول: (لا عادي انت مش حلوة كتير)
طبع المُحِب، إطالة الكلام بُغية الاسترسال في أحاديث ربما لا غاية منها عند عموم الناس؛ لكنّها عند المحُبّ تكتب بماء الذهب وتُعلق على جدار الروح، وليس في الأمر مُبالغة.
مَن منّا لا يحبّ أن يسمع لثغات الأطفال، وانفعالاتهم، وأحاديثهم الممزوجة بعواطفهم، وجهلهم بالحياة.
– تُصرّ عليّ بتقوّس حاجبيها، مُعلنة تكشيرة غاضبة أن أومئ بالإيجاب.
هزّة الرأسِ عندي، تعني عندها هزّة لأرجوحة القلب عندها، نحوَ السعادة تارة والنشوة تارات.
الكلمة رسول القلب، والأُذن ساعي البريد.
لا يظن الواحد منّا أن الكلمة الطّيبة، والغزل اللطيف لأختك وابنتك تَرفاً؛ بل به تحيا وتنمو كما تحيا الأغصان الصغيرة الغضّة من أشعة الشمس بالماء وبعملية التركيب الضوئي. وللأنثى تركيبها الضوئي الخاص بها، في عمليّة كيميائية، مبدؤها من الأذن ومنتهاها في الفؤاد.
رِقة في رقّة، ما الماء عندها إلا سلسل عذب من لجين؟ وما الشمس إلا سبائك من ذهب وضفائر عسليّة؟
فاضبطي نيتك أيتها الأم، واضبط نيتك أيها الأب والأخ في كلامك الطيّب؛ محتسباً إسعاد عائلتك وخاصة المؤنسات. تبسمك في وجه أخيك صدقة؛ فما بالك في رسم هذه البسمة على مُحيّاهم؟ الكلمة الطيبة تخرج من الفم، وتنبت في تربة القلب، وتسقى بماء المحبّة إلى أن تصبح شجرة تظلّلك ويمتد فيئها إلى ما شاء الله.
لا تنسى أن تُعدد مناقِب والدتك في اليُسر مرة وفي العسر مرّات، ربما لن تدرك أثر هذه الكلمات الطيبات في قلبها. حتى جدّتك أثني على حُسن تربيتها لهذه الغصون الجميلة؛ فما أثمرت الفروع إلا لحُسن منبت الأصل. أختك وصديقة طفولتك، قريبة القلب والدمّ، أسعِد روحها باهتمامك بزيّها، ولو مرات قليلة.
عادةً نحتفظ بالكلمات الصادقة في صندوق صغير دافِئ الثنايا، لا تصلهُ أيدي الجميع، نغلّفه بنبضات القلب الحانية، تحتضنها الرّوح وتستحضرها في أيام الكآبة؛ فتعيد البهجة وتمسح الغبار عن أرواحنا.
