الكرامة هي: أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد بعض الصالحين من أتباع الرسل، إكراما لهم من الله عز وجل ببركة اتباعهم للرسل، والولي هو العبد الصالح التقي، كما قال تعالى:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [يونس: ٦٢، ٦٣] .
وليس كل ولي تحصل له كرامة، وإنما تحصل لبعضهم؛ ويكون الغرض منها: إما لتقوية إيمانه، أو لحاجته، أو لإقامة حجة على خصومه. ويقوم منهج أهل السنة والجماعة على الإيمان بكرامات الأولياء والتصديق بها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “ومن أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء وما يجريه الله على أيديهم من خوارق العادات في العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر فرق الأمة وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة”.
وانقسم الناس في موضع الكرامات إلى ثلاثة أقسام هي:
١ـ قسم غلوا في نفيها، حتى أنكروا ما هو ثابت في الكتاب والسنة من الكرامات التي تجري على وفق الحق لأولياء الله المتقين، وهؤلاء المنكرين كالجهمية والمعتزلة وأشباههم.
٢ـ قسم غلوا في إثبات الكرامات، حتى اعتقدوا أن السحر والشعوذة والدجل منها، واستغلوها وسيلة للشرك والتعلق بأصحابها من الأحياء والأموات، حتى نشأ عن ذلك الشرك الأكبر بعبادة القبور وتقديس الأشخاص والغلو فيهم، في كثير من بلاد المسلمين.
٣ـ القسم الثالث: وهم أهل السنة والجماعة، وقد توسطوا في موضوع الكرامات بين الإفراط والتفريط، فأثبتوا ما أثبته القرآن الكريم والسنة المطهرة، فلم يغلوا في أصحابها، ولم يتعلقوا بهم من دون الله تعالى، ولا يعتقدون أنهم أفضل من غيرهم بل هناك من أولياء الله من هم أفضل منهم، ولم تجر على أيديهم كرامات.
ونفى أهل السنة ما خالف الكتاب والسنة من الدجل والسحر والشعوذة، واعتقدوا أن ذلك من عمل الشياطين، وليس من الكرامات.
الفرق بين كرامات الأولياء والمعجزات:
يشتركان في كونهما من الله تعالى، وبكونهما من الأمور الخارقة للعادات، وتفترقان بان الكرامة: لا تقترن بدعوى النبوة إذ المعجزة لا تجري إلا على يد نبي، وليس في الكرامة تحد، ولا قصد، بحيث كلما أراد الولي جرت؛ لأنها من الآيات، وهي على وفق إرادة الله تعالى،
قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٠٩].
وليس للمخلوق تصرف فيها متى أراد وكيف أراد.
الفرق بين كرامات الأولياء وخوارق السحر والشياطين:
١ـ أن كرامات الأولياء سببها التقوى والعمل الصالح، وأما أعمال السحرة والشياطين فسببها الكفر والفجور.
٢ـ أن كرامات الأولياء يستعان بها على البر والتقوى، أو على أمور مباحة، وأما أعمال السحر والشياطين فيستعان بها على أمور محرمة من الشركيات والكفر والفجور ونحو ذلك.
٣ـ أن كرامات الأولياء تقوي بذكر الله تعالى وتوحيده وعبادته، وأما أعمال السحرة والشياطين فتبطل وتضعف عند ذكر الله تعالى وقراءة القرآن والتوحيد.
حق أولياء الله:
محبتهم، والترضي عنهم، والإيمان بكرامتهم، لا عبادتهم ليجلبوا لمن دعاهم خيرا لا يقدر على جلبه إلا الله، ويدفعوا عنهم سوء لا يقدر على دفعه أو رفعه إلا الله، لأنه عبادة مختصة بجلاله سبحانه،
قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠].
فسماه عبادة وأضافها إلى نفسه .
فنقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئا، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله.
يقول الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: “ولا ننكر كرامات الأولياء، ونعترف لهم بالحق وإنهم على هدى من ربهم. إلا أنهم لا يستحقون شيئا من أنواع العبادات، لا حال الحياة، ولا بعد الممات، بل يطلب من أحدهم الدعاء في حال حياته، بل ومن كل مسلم”.