السلام عليكم أيها المؤمنون الصادقون يا أبناء أمتي وبعد:
{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}.
يا أهلنا في كل أرض مغتصبة، يا حماة الدين، أسود العرين، شامة الجبين وطَول اليمين، يا عدة الإسلام وذخره، وكنزه وفخره، يا ظله الوارف وغمامه الواكف؛ أيئستم من قضاء الله أو شككتم في تدبيره؟ مهلاً! فما عهدتكم لساعٍ كذلك!
أفزعتكم صواريخهم؟ أرعبتكم قنابلهم؟ أرهبتكم مدافعهم؟ لا أحد يجيد التكلم والاستنكار بسلاحه؟ كلهم كفأرةٍ أمام قسورة؟ ترون الدم شلال والجثث أهوال؟ راعتكم أجسام المؤمنين مقطعة وأشلاؤهم ممزعة؟
يا فوزهم، إنهم يتقلبون في النعيم المقيم بإذن الله مع أوائل شهداء الإسلام خباب بن الأرت، الذي قال قبيل مقتله: (فلست أبالي حين اقتل مسلما* على أي جنب كان في الله مصرعي).
“فقفوا شامخين على حبل القصاص ورددوا ما قاله الخبابُ؛ لست أبالي في سبيل الله وأقتلُ”.
قف شامخاً ولا تهتز، هذه الدنية ليست لنا ولا نحن لها. اشمخ بثباتك كما المآذن، وإن قصفوا المساجد والمآذن؛ كن أنت المئذنة والأذان الصادح بالحق كما عهدناك. وإياك واليأس ثم إياك، لا تخش منهم فهم ليسوا إلا طغاة متجبرين سيَّدوا أنفسهم، لا يعدو قدرهم عن كونهم إخوة قردة وخنازير، {أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
وإن كان رأس اليهود قد خُسِف بعقله وأصبح يطلق رصاصاته وصواريخه في كل حدب وصوب. وإن هؤلاء الذين يعيشون حياة البهموت لكيدهم لأهل الإيمان، أوهن من بيت العنكبوت، وإن أرواح المؤمنين لتطوف حول العرش ناظرة الى الحي الذي لا يموت.
إن الله لأرحم بطفل مقطعة أوصاله من أمه وهو سبحانه الذي قدر عليه ذلك وهو أرحم به. يا أخي، إن كان الله قد حرمنا حياة رغيدة بدار الفناء؛ فقد ادخرها لنا بدار الأبد.
وأوصيكم بالدعاء والصبر والصلاة، أنتم ترمون سهام الدعاء بالليل أو بالنهار، والله يجهز لهم الكيد الذي لا مناص من وقوعه: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا*وَأَكِيدُ كَيْدًا* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}.
أنت يا أخي تصبر وتتجلد هنا، وصبرهم ينفد هناك، وجزعهم يزيد وفزعهم يتعاظم. أنت تقيم الصلاة هنا، وحصنهم يهوي هناك. فقل لي بربك، هل يستوي من كان الله وليه والشيطان صفيه؟
فيا واثقاً بالله، قف ثابتاً واشمخ بعزك، يا فرداً بجماعة، إن كان يعظم في نفسك أرواح المؤمنين التي تزهق بأبشع الصور، والدماء التي ترهق كأنها شلال هادر؛ فإنها عند الله أعظم وهو الذي قدر عليها ذلك وهو أعلم وأحكم وأرحم. يا أخي، {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}.
أيذر الله حثالة الأمم الرعاع وشرذمة الكفر الطَغاَم تنال من المؤمنين بلا حكمة، بلا تكفير للخطايا، بلا رفعة للمنازل والدرجات، بلا تمحيص وبلا اختبار؟ ولكن هون عليك؛ {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}.
فقم يا فتى، قم طفلاً أو شاباً أو كاهلاً، كن للأمة دعائم عز وفخار وثبات، ولا تيأس، واستحيي من ربك أن تيأس وهو أرحم بطفل من أمه.
ويا أهلنا في كل مكان حل عليهم من البلاء ما الله به عليم، وأخص أهل الشام: أن طيبوا نفساً بقضاء الله، فإن حكمه نافذ لا محالة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. إن الحبل اذا اشتد انقطع {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
فيا زيد، إن الله جاعلٌ لما ترى فرجاً ومخرجاً.
