هناك من يقول أن الكلام مع الأطفال عن النار والقبر والبعث والحساب، وأن شرح آيات الترهيب في القرآن ومآلات الكفار والمشركين؛ كل ذلك سيؤدي إلى أمراض نفسية تفضي إلى الإلحاد!
ومن الواضح جداً أن من يقول ذلك عنده تصور خاطئ أو منقوص عن طبيعة النفس البشرية عموماً، ومن ضمنهم الأطفال بشكل خاص.
تظل نفس الطفل هي نفس بشرية؛ تحتاج أن تلم بالصورة كاملة للحياة، حتى يبني تصوراته واعتقاداته بطريقة صحيحة راسخة، وإن كانت بطريقة مبسطة ومتدرجة.
النفس البشرية لا يمكن تهذيبها إلا بالثواب والعقاب، الترغيب والترهيب، والأطفال كذلك.
أول سؤال يسأله الطفل حين تبدأ تلقينه ما يجب عليه كمسلم، هو: وماذا لو لم أفعل؟ وماذا عن غير المسلمين؟
كيف ستجيب؟
إن ميَّعت الأمر؛ فإنك بذلك تهلك طفلك حين تهوّن في قلبه أوامر الله عز وجل ونواهيه وحدوده. وإن لم يعرف أن الكافر سيدخل جهنم وبئس المصير؛ فهذا هو أقصر طريق للإلحاد حقاً.
الاعتقاد، هو ما يستحق أن ينقش ويحفر في قلب الطفل منذ نعومة أظافره، وحينها بإذن الله يكون أثبت ما يكون. وأولى الأمور بذلك هي غيبيات الدين، لا بد من غرسها في نفس الطفل قبل أن يتم ثلويث فطرته وشحن قلبه ونفسه بالملهيات.
فإن لم يعتقد ذلك من صغره وتقدم في العمر دون معرفة أن هناك نار وعقاب، نار شديدة عظيمة أعدها الله عز وجل لمن يكفر به ويشرك به ويعصيه؛ فهو بذلك يُخشى عليه من الإلحاد كما يقول القائل أكثر من غيره، لأني إن كانت مسلم؛ أكف نفسى عن شهواتها وأجبرها على الطاعات، وغيري يسرح ويمرح ولا يهتم إلا بملذاته وشهواته ورغباته لا يؤمن بالله ولا يمثل أوامره، وفي النهاية لن يكون له مآل واضح زاجر؛ فأغلب الأطفال سيختارون النموذج الثاني، حتى وإن علموا أن جزاء الأول هو الجنة!
ثم إن أنت أتيت لهذا الطفل الذي تقدم في العمر ولم يعرف إلا الجنة والرحمة والمغفرة والعفو والحسنات، ثم حدثته عن النار لن يشعر إلا بالظلم والقسوة. فلم يترسخ في نفسه إلا معاني اللطف والعطف، وأن أي جزاء غير العفو والجنة مهما كان صاحبه مستحق، يدخل عنده تلقائياً تحت تصنيف القسوة والظلم والقهر والانتقام غير المبرر.
ثم تأتي الأسئلة من قبيل: لماذا خلق الله النار؟ لماذا لا يغفر للجميع؟
ثم الأسوأ والأسوأ من اتهام لله عز وجل ومن كلمات الكفر الصريحة مما سمعناه بآذاننا ورأيناه بأعيننا، وماذا يكون الكفر والإلحاد غير ذلك؟
وإنا لله وإنا إليه راجعون.