كثيراً ما يحدث أن يسأل أحدنا ابنه أو ابنته الصغار، عن الصلاة، ويكون الجواب أن قد صلينا؛ لكن الأب أو الأم عادة ما يعرفون إن كان الصغير صادقاً أم كاذباً، أو يترجح لديه أحد الاحتمالين؛ فما هو التصرف الصحيح في هذه الحالة؟
إن واجه الأب أو الأم صغيرهما بأنه كاذب ولم يصل؛ فسيدفعونه للكذب الذي لا يملكان أمامه غالباً إلا التسليم مع علمهما بكذب الابن الذي قد لا يعدو عن كونه ظن، وإن فلت بكذبه، فغالباً سيكرره حتى يكون نهجه؛ بل ولعله طوره مع الوقت.
لذلك؛ لا بد أن يوجد الوالدين مخرجاً للطفل، يخرجه إلى الصواب، بذكاء ولباقة. فمثلاً في حالة الصلاة، أول شيء يجعلك تتأكد من ظنك في كذب طفلك أو صدقه، هو الإيحاء له بمخرج النسيان. فإن رأيته مصراً على أنه قد صلى وحدسك ينبئك أنه لم يصل؛ فقل له (لعلك نسيت يا حبيبي)، (تذكر جيداً)، (يبدو أنك قد نسيت، أو اختلط عليك الأمر وأنك قد صليت بالأمس وتظن أنك صليت اليوم)، (ربما قد هممت للصلاة وصرفك عنها شيء ما وتظن أنك بالفعل صليت)، (إلا الصلاة لا يمكن التهاون فيها)! وإلى ذلك من العبارات التي تدل على الاحتمال، فلا تحصر الطفل بين خيارين إما صادق أو كاذب، ولكي يبدو صادقاً فهو بالفعل يكذب.
حينها ستجد أن الطفل قد أعاد التفكير، فلا تعطي له فرصة ليحتال عليه الشيطان، لا يوجد له حجج وأعذار تدفعه للكذب مرة أخرى، وقل له مباشرة، (اذهب يا حبيبي صلي مرة أخرى، فإن كنت أديت الصلاة بالفعل تكن لك نافلة تؤجر عليها وتكسب الكثير من الحسنات، وإن لم تكن قد أديت الصلاة؛ فلا تكون ضيعتها).
وحينما يصلي ويعود إليك، حدثه عن الكذب وليس بطريق مباشر، فابدأ بالحديث عن النسيان وحيل الشيطان الذي قد يوقع الإنسان في الكذب، فيكون ظفر منه بذنبين عظيمين في مثل حالتنا، أن يضيع الإنسان صلاته، ثم يكذب بعد ذلك. ولا بد أن يتطرق الحديث إلى مراقبة الله عز وجل لنا، ومحبتنا له، وأن الله عز وجل يحبنا ويحب لنا أن ندخل الجنة وهكذا.
ونتذكر دائماً، أننا لسنا في صراع مع الأبناء، ولا نصر على إثبات صحة كلامنا بتعرية الطفل من الفضيل أمامنا بل وربما أمام الموجودين، ونعي أن الهدف من السؤال أصلاً كان للتقويم والتربية والتهذيب، هدفنا هو الإصلاح، هو تحبيب الصغار في دينهم وأداء فرائضهم وحثهم على الحفاظ عليها واستشعار أهميتها، ونتذكر قول الله عز وجل {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}.
-سنا برق
ووسيلة “إيجاد المخرج الصحيح” لأبنائنا لا تقتصر على السؤال عن الصلاة فقط؛ وإنما أي أمر قد يضعه تحت ضغط الكذب ليبرئ نفسه، وأي موقف قد يلجئه إلى التحايل على الحق بغية الحفاظ على صورته أو احترامه أو هرباً من العقاب.
واعلم أن الدعاء هو سلاحك الماضي في رحلة التربية؛ فإياك أن تهمله أو تلقيه!