الفطرة ساحة الحرب الأخيرة

أخرجوها من خدرها وهي التي استشهدت بخروجها السيدة نسيبة بنت كعب رضي الله عنها حين قالت: (كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نَخرُجَ يَومَ العِيدِ حتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِن خِدْرِهَا)، كدليل على عِظم أمر شهود صلاة العيد لجميع المسلمين. ثم ألقوا عنها برقعها (نقابها)، وقالوا هو زائد عن الحاجة وليس فرضاً. ثم جادلوا عن حجابها، فقالوا هذا يحجب العقل ويمنع من الانطلاق إلى قمم المجد.

تدرجوا في تغيير صورتها وأفكارها ودورها كدرع واقٍ عظيم الشأن، يدفع عن الأمة كل محاولة لاختراق الأعداء. فبعد أن كانت هي الحامي والدافع عن الأمة بتربية وتعليم الصغار ودعم الكبار؛ أصبحت هي الثغر الذي تؤتى الأمة من قبله؛ فقد تركت كل هذا وانخدعت لهم.

حتى أتى الدور الآن على الفطرة ذاتها وأصل الخلقة؛ فهل كنت تظن مثلاً أن الحرب ستتوقف عند الدين؟ هيهات هيهات، فلا تزال هناك فطرة جديرة بالطمس والحرب والتشويه؛ فعدوك ليس مجرد كافر بدينك فقط؛ بل عدوك شيطان يحارب أصل خلقتك، لا زال يحقد على أبيك مذ علم بخلقه، ولا زال يكيد ويدبر له المكائد.

وبعد أن وصلنا إلى قعر الانحطاط في الزمن الذي نعيشه الآن، انحطاط ديني وأخلاقي وقيمي على كل المستويات؛ لم يتبق إلا انتزاع الفطرة من النفوس تماماً؛ فيتحول جميع البشر إلى مسوخ بالمعنى الحرفي للكلمة، وهذا هو غاية إبليس وغاية انتصاره علينا نحن بني آدم عليه السلام.

أعلم يقيناً وإيماناً أن الإسلام باق وسينتصر على كل ذلك العبث، وسينهض حتماً من تحت ركام الحداثة المقيتة؛ لكن يعنيني كل مسلم على وجه البسيطة، يهمني ألا ينجرف مسلم مع تلك التيارات المدمرة؛ لذلك وددت إطلاق صيحة إنذار لكل أب وأم، أن أدركوا أبناءكم؛ فخبث أهل الفجور لا يمكن وصفه.

ولا تحتاج إلا قليلاً من التقليب مثلاً في صفحات التواصل حتى ترى بث العديد من صور الشذوذ بطريقة طريفة مضحكة تجلب التفاعلات وإلقاء النكات، حتى إذا انطبعت في العقل الباطن لعموم الناس؛ أصبحت صوراً مألوفة غير مستهجنة، وأصبح فاعلها حقيقة مجرد شخص يمارس حريته في اختيار “جنسه”.

أيها الآباء والأمهات، الأمر خطير والخطب جلل، ولم يكن حديثي عن المرأة في مطلعه إلا إيماناً بدورها العظيم في حفظ الأجيال والأمم الذي لا يستطيع شغله غيرها، خاصة في ظل ذلك التسارع الرهيب في وتيرة الحياة، ولا أعفي الرجال أبداً؛ فهم القادة القوامون، الذين تركوا دفة القيادة شاغرة تماماً حتى جرفتنا الأمواج والرياح حيث أراد الأعداء تماماً.

أفيقوا يرحمكم الله؛ فالقادم مرعب، مرعب لدرجة لا يتصورها عقل إنسان، فضلاً عن عقل لاهٍ في شهواته غارق في الحياة لا يسيره إلا هواه الذي يأطره أعداءه ويشكلونه كيف شاءوا.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة