إنّ محاولات الغرب النّاجحة في تقسيم المسلمين لدويلاتٍ صغيرة، يناشد كل شعب فيها لعَلَمٍ لُوِّن بقلم التفرقة والتّجزئة؛ جعلت المسلمين في الغالب مغيّبين عن قضايا المسلمين، ثمّ أدخلوهم تباعًا في قبضة الرأسماليّة واللهث وراء الدّنيا؛ حتى باتَ لا همّ لأكثرهم سوى الجري وراء لقمة العيش وتحصيل المكانات والألقاب في المجتمعات، ونصبت كذّابيهم إعلاميّيهم؛ فاختاروا لهم من القضايا ما يصبّ في مصلحة ساداتهم وكبرائهم، ويدلّس على المسلمين الحقائق، ويساهم في صناعة الوهم والغفلة.
فكم منّا من لم يكن يعلم عن سجن صيدنايا شيئًا حتى اليوم؟ وكم منّا من لم يسمع باسم النصيريّة العلويّة حتى اليوم؟ وكم منّا لا يعلم شيئًا عن العقيدة الفاسدة لهؤلاء المجرمين وحكمهم في الإسلام وقول علمائنا فيهم؟ فمن هم هؤلاء الفَجَرَة؟ وما هي عقيدتهم؟
في المئة الثالثة للهجرة، خرجت فئة من الإماميّة الجعفريّة الذين ينتسبون زورًا وبهتانًا “لجعفر الصادق” رحمه الله، فكان من بدعهم أنهم يقولون بإمامة اثني عشر إمامًا ويجعلون العصمةَ لهم، حتى جاء إمامهم الحادي عشر وهو “الحسن العسكري” ثمّ مات ولم يترك بعدهُ أحدًا من نسله، فاختلف الشيعة في إمامهم الثاني عشر، حتّى أوحت لهم شياطين الجنّ بأنّ للحسن العسكري ولدًا قد اختفى وهرب وهو صغير، ودخل في السّرداب في سامرّاء ولا يخرج منه إلى أن يشاء الله، وقالوا بأنّه “محمد المهدي”.
ثمّ ادّعى رجال منهم أنّهم وسطاء بين النّاس وبين إمامهم المُسَردَب، وكان من بين هؤلاء “أبو شعيب محمد بن نُصير” فارسيّ الأصل خبيث المعتقد، وهو الذي تُنسب إليه هذه الطائفة النُصيرية ويسمون أيضًا بالعلويّة؛ لادّعائهم في عليّ رضي الله عنه الألوهيّة!
وكان الخبيث ابن نُصير معروفًا بأقواله الإباحيّة الشاذّةِ، حيث كان يقول بإباحة نكاح المحارم، ونكاح الرجل للرجل في دبره ويصف ذلك: بالتّواضع في المفعولِ بهِ!
يعتقد هؤلاء بألوهيّة عليّ كما ذكرنا سابقًا، بالإضافة لقولهم بتعدّد الآلهة، وبحلول الألوهية في البشر؛ حيث يؤمن كثير منهم أنّ الله تعالى يظهر بأكثر من ظهور بشري على مرّ الأزمان! لهذا فبعضهم يؤمن بأنّ المخلوع بشّار ومن قبله الهالك أبوه حافظ؛ عبارة عن تمثُّل بشري تقمّص الله به -تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا-!
كما يؤمنون بتناسخ الأرواح، ويعادون الصحابة كأبي بكر وعمر وأمّ المؤمنين عائشة رضيَ الله عنهم، حتى بلغ بهم الخَبال والعَتَه إلى تعذيب الحيوانات البريئة بأساليب شتّى؛ لزعمهم أنّ أرواح هذه الصحابة حلّت في تلك الحيوانات عن طرق التّناسخ!
كما ويحلّون الخمر بل ويقدّسونها حتى أسموها (النّور)، ويحطّون من قدر المرأة ويعتقدون أنّها ليست جديرة بتلقّي الدين وتحمّل واجباته، فلا يجوز إطلاعها على أسرار المذهب، ويقولون بأنّ نفوسهنّ تموت بموت أجسادهنّ لعدم وجود أرواح خاصّة بهنّ؛ لذا يستبيحون الزنا بنساء بعضهم البعض.
ومن عقيدتهم الفاسدة؛ التُّقية، حيث يُخفون عقيدتهم عن غير أهل ملّتهم، ويظهرون للنّاس خلاف ما يُبطنون، ويكتمون أسرار دينهم ومعتقداتهم ويشدّدون في ضرورة كتمانها، فلا يطبعون كتبهم؛ بل يتداولونها مشافهة وخطًّا باليد.
إنّ النّاظر لحال هذه الفئة الدّنيئة الفاسقة، لا يشّك في كفرها وزندقتها، إذ أنّ واحدًا فقط من معتقداتهم الفاجرة؛ كفيلٌ بأن يكون ناقضًا صريحًا مخرجًا من ملّة الإسلام، فكيف بها مجتمعة؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (هؤلاء القوم المسمّون النصيرية، هم وسائر أصناف القرامطة الباطنيّة، أكفر من اليهود والنّصارى، بل أكفر بكثير من المشركين).
ونقل طاهر بن محمد الأسفراييني -رحمه الله- كفرهم فقال: (الباطنيّة لا يعدون من فرق المسلمين فإنّهم في الحقيق على دين المجوس وفتنتهم على المسلمين شرّ من فتنة الدّجال.
والقول الوجيز فيه أنه يسلك مسلك المرتدّين في النّظر في الدّم والمال والنّكاح والذّبيحة ونفوذ الأقضية وقضاء العبادات، أما الأرواح فلا يسلك بهم مسلك الكافر الأصلي إذ يتخيّر الإمام في الكافر الأصلي بين أربع خصال بين المنّ والفداء والاسترقاق والقتل ولا يتخيّر في حق المرتد.. وإنّما الواجب قتلهم وتطهير وجه الأرض منهم.. وليس يختص بجواز قَتلهم ولا وُجوبه بحالة قتالهم، بل نغتالهم ونسفك دماءهم…
-الغزالي
وهو قول للمذاهب الفقهية الأربعة المشهورة، قال ابن عابدين: (أن علماء المذاهب الأربعة يرون أن النصيرية لا يحل إقرارهم في ديار الإسلام بجزية ولا غيرها، ولا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم ويصدُق عليهم اسم الزنديق والمنافق والملحد ولا يُصلى على من مات منهم ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولا يصح إسلام أحدهم ظاهرا إلّا بشرط التبرّي عن جميع ما يخالف الإسلام، لأنّهم يدّعون الإسلام ويقرّون بالشّهادتين وبعد الظفر بهم لا تقبل توبتهم أصلا).
وهم قوم غدرٍ وخيانة ونفاق؛ قال فيهم أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية: (النصيرية أعداء الإسلام كفار زنادقة ولهم في معاداة الإسلام وأهله وقائع مشهورة وكتب مصنفة فإذا كانت لهم مكنة سفكوا دماء المسلمين).
النصيرية هم السبب في احتلال النصارى والتتار لبلاد الشام ومن المعروف عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم، وهم دائما مع كل عدو للمسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار.
-شيخ الإسلام ابن تيمية
أفبعد كلّ ما سبق، يُقال بتسوية أحد هؤلاء الفجرة بظفرِ مسلمٍ فضلًا عن كلّه؟ إنّ ذلك لشيءٌ عُجاب! هَزُلَتْ وربّ البيت.